رسول الله ﷺ المدينة نزل في علوم المدينة في بني عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملأ بني النجار، فجاءوا متقلدين سيوفهم، فكأني أنظر إلى رسول الله ﷺ وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب. متفق عليه.
وقال عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما دخل النبي ﷺ المدينة مر على عبد الله بن أبي وهو جالس على ظهر الطريق، فوقف عليه رسول الله ﷺ ينظر أن يدعوه إلى المنزل، وهو يومئذ سيد أهل المدينة في أنفسهم، فقال عبد الله: انظر الذين دعوك فأتهم، فعمد إلى سعد بن خيثمة، فنزل عليه في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال، واتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه، ثم بناه بنو عمرو، فهو الذي أسس على التقوى والرضوان.
ثم إنه ركب يوم الجمعة، فمر على بني سالم، فجمع فيهم، وكانت أول جمعة صلاها حين قدم المدينة، واستقبل بيت المقدس، فلا أبصرته اليهود صلى قبلتهم طمعوا فيه للذي يجدونه مكتوبا عندهم، ثم ارتحل فاجتمعت له الأنصار يعظمون دين الله بذلك، يمشون حول ناقة رسول الله ﷺ، لا يزال أحدهم ينازع صاحبه زمام الناقة، فقال:"خلوا سبيل الناقة، فإنما أنزل حيث أنزلني الله". حتى انتهى إلى دار أبي أيوب في بني غنم، فبركت على الباب، فنزل، ثم دخل دار أبي أيوب، فنزل عليه حتى ابتنى مسجده ومسكنه في بني غنم، وكان المسجد موضعا للتمر لابني أخي أسعد بن زرارة، فأعطاه رسول الله ﷺ، وأعطى ابني أخيه مكانه نخلا له في بني بياضة، فقالوا: نعطيه رسول الله ﷺ لا نأخذ له ثمنا، وبنى النبي ﷺ لحمزة ولعلي ولجعفر، وهم بأرض الحبشة، وجعل مسكنهم في مسكنه، وجعل أبوابهم في المسجد مع بابه، ثم إنه بدا له، فصرف باب حمزة وجعفر. كذا قال: وهم بأرض الحبشة، وإنما كان علي بمكة. رواه ابن عائذ، عن محمد بن شعيب، عنه.
وقال موسى بن عقبة: يقال: لما دنا رسول الله ﷺ وأبو بكر من المدينة، وقدم طلحة بن عبيد الله من الشام، خرج طلحة عامدا إلى مكة، لما ذكر له رسول الله ﷺ وأبو بكر، خرج إما متلقيا لهما، وإما عامدا عمده بمكة، ومعه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام، فلما لقيه أعطاه الثياب، فلبس رسول الله ﷺ وأبو بكر منها.
وقال الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي، عن أبيه: قدم رسول الله ﷺ المدينة يوم الإثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، فأقام بالمدينة عشر سنين.