قال: قد حططتك تسعين ألفًا فتعجب منه، فقال: سألتك على قدرك، وحططتك على قدري، وما أستأهله في نفسي قال: لا والله لا تغلبني يا غلام أعطه مائة ألف.
قال الأصمعي: أنشده أعرابي في مجلس الشعراء:
تعرضت لي بالجود حتى نعشتني … وأعطيتني حتى ظننتك تلعب
فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى … حليف الندى ما للندى عنك مذهب
فأعطاه مائة ألف.
الأصمعي، عن يونس بن حبيب، نحوها وزاد: فقام أعرابي آخر، فقال:
قد كان آدم قبل حين وفاته … أوصاك وهو يجود بالحوباء
ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم … فكفيت آدم عيلة الأبناء
فتمنى أن يعطيه عشرين ألفًا، فأعطاه أربعين ألفًا، وأن يضرب خمسين جلدة، وأن ينادى عليه: هذا جزءا من لا يحسن قيمة الشعر وعنه قال: لا يحتجب الأمير، عن الناس إلَّا لثلاث: لعي أو لبخل أو اشتمال على سوءة.
قال عبد الله بن أحمد: سمعت ابن معين يقول: خالد بن عبد الله القسري رجل سوء يقع في علي وقال فضل بن الزبير: سمعت القسري يقول في علي ما لا يحل ذكره.
وقال الأصمعي: خبرت أن القسري ذم زمزم، وقال: يقال: إن زمزم لا تنزح ولا تذم بلى -والله- إنها تنزح وتذم، ولكن هذا أمير المؤمنين قد ساق لكم قناة بمكة.
قال أبو عاصم النبيل: ساق خالد ماء إلى مكة، فنصب طستًا إلى جنب زمزم، وقال: قد جئتكم بماء العاذبة لا تشبه أم الخنافس يعني: زمزم فسمعت عمر بن قيس يقول: لما أخذ خالد بن عبد الله سعيد بن جبير وطلق ابن حبيب خطب فقال: كأنكم أنكرتم ما صنعت والله لو كتب إلي أمير المؤمنين لنقضتها حجرًا حجرًا يعني: الكعبة.
الأصمعي: سمعت شبيب بن شيبة، يقول: كان سبب عزل خالد أن امرأة قالت له: إن غلامك المجوسي أكرهني على الفجور وغصبني نفسي.
قال: كيف وجدت قلفته? فكتب بذلك حسان النبطي إلى هشام فعزله.
وكان خطب يومًا فقال: تسومونني أن أقيد من قائد لي ولئن أقدت منه أقدت من نفسي ولئن أقدت من نفسي لقد أقاد أمير المؤمنين من نفسه، ولئن أقاد لقد أقاد رسول الله من نفسه ولئن أقاد ليقيدن هاه هاه ويومئ بيده إلى فوق.