وعن أبي نعيم، قال: بلغني أن عبيد الله بن عمر، وابن أبي ذئب، وعبد الحميد بن جعفر دخلوا على محمد بن عبد الله، وقالوا: ما تنتظر! والله ما نجد في هذا البلد أشأم عليها منك.
وأما رياح، فطلب جعفر الصادق وبني عمه إلى داره، فسمع التكبير في الليل، فاختفى رياح. فظهر محمد في مائتين وخمسين نفسا، فأخرج أهل السجن -وكان على حمار- في أول رجب، سنة خمس وأربعين، فحبس رياحا وجماعة، وخطب، فقال: أما بعد: فإنه كان من أمر هذا الطاغية أبي جعفر ما لم يخف عليكم، من بنائه القبة الخضراء التي بناها تصغيرا لكعبة الله، وإن أحق الناس بالقيام للدين أبناء المهاجرين والأنصار، اللهم قد فعلوا وفعلوا، فأحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدًا.
قال علي بن الجعد: كان المنصور يكتب على ألسن قواده إلى محمد بن عبد الله بأنهم معه، فاخرج فقال: يثق بالمحال. وخرج معه مثل ابن عجلان، وعبد الحميد بن جعفر.
قال ابن سعد: فلما قتل، أتى والي المدينة بابن عجلان، فسبه، وأمر بقطع يده. فقال العلماء: أصلح الله الأمير، إن هذا فقيه المدينة، وعابدها، وشبه عليه أنه المهدي فتركه قال ولزم عبيد الله بن عمر ضيعة له وخرج أخواه عبد الله وأبو بكر فعفا عنهما المنصور.
واختفى جعفر الصادق، ثم إن محمدًا استعمل عمالًا على المدينة ولزم مالك بيته.
قال أبو داود كان الثوري يتكلم في عبد الحميد بن جعفر لخروجه ويقول إن مر بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع الناس عليه.
وقيل: بعث محمد إلى إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وقد شاخ ليبايعه فقال: يا ابن أخي أنت والله مقتول كيف أبايعك فارتدع الناس عنه فأتته بنت أخيه معاوية فقالت: يا عم إن إخوتي قد أسرعوا إلى ابن خالهم، فلا تثبط عنه فيقتل هو وأخوتي فأبى فيقال: قتلته فأراد محمد الصلاة عليه. فقال ابنه: تقتل أبي وتصلي عليه فنحاه الحرس وتقدم محمد وكان محمد أسود جسيما فيه تمتمة ولما خرج قامت قيامة المنصور فقال: لآله اذهبوا إلى هذا الأحمق عبد الله بن علي فله رأي جيد في الحرب فلما دخلوا قال: لأمر ما جئتم فما جاء بكم جميعًا وقد هجرتموني من دهر قالوا: استأذنا أمير المؤمنين فأذن لنا قال: ليس ذا بشيء ما الخبر قالوا: خرج محمد قال: فما ترون ابن سلامة صانعا يعني المنصور قالوا: لا ندري قال: إن البخل قد قتله فليخرج الأموال ويكرم الجند، فإن غلب فما أوشك أن يعود إليه ماله.