عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.
قال الله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ [مريم: ٣٩].
وقال: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ [غافر: ١٨]، فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي، ومع هذه الهزات، فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنه من أرفع الشهداء ﵁ كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين، ولا روع، ولا ألم، ولا خوف، سل ربك العافية، وأن يحشرنا في زمرة سعد.
ويسرد الأحداث ويبينها حسب ترتيب وقوعها، فقال في "السير""٣/ (٤٣٠) ": كان تزويجه ﷺ بعائشة إثر وفاة خديجة، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد، ثم دخل بسودة، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بني بعائشة في شوال، بعد وقعة بدر، فما تزوج بكرًا سواها، وأحبها حبًا شديدًا كان يتظاهر به، بحيث أن عمرو بن العاص -وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة- سأل النبي ﷺ: أي الناس أحبُّ إليك يا رسول الله؟ قال:"عائشة". قال: فمن الرجال؟ قال:"أبوها"(١).
ويتكلم من غيرة عائشة من خديجة دون سائر أزواجه بأسلوب الفقيه الحاذق، فيقول في "السير""٣/ (٤٤٦) ": من أعجب شيء أن تغار عائشة ﵂ من خديجة وهي امرأة عجوز، توفيت قبل تزوج النبي ﷺ بعائشة بمديدة، ثم يحميها الله من الغيرة من عدَّة نسوة يشاركنها في النبي ﷺ فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي ﷺ لئلا يتكدر عيشهما، ولعله إنما خفف أمر الغيرة عليها حب النبي ﷺ لها، وميله إليها، فرضي الله عنها وأرضاها.
وتراه يبين مسألة رؤية النبي ﷺ لربه في اليقظة والمنام بأخصر عبارة وأوجز بيان؛ فيقول في "السير""٣/ (٤٤٧) ": لم يأتنا نص جلي بأن النبي ﷺ رأى الله تعالى بعينيه، وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها، فأمَّا رؤية المنام: فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة. وأمَّا رؤية الله عيانًا في الآخرة: فأمرٌ متيقن تواترت به النصوص، جمع أحاديثها: الدارقطني، والبيهقي، وغيرهما.
ويبين لفظة يا حميراء الواردة، ويبين أنه حديث موضوع بأنصع بيان، فيقول في "السير"
(١) صحيح: خرجته في الجزء الثالث في الكتاب بتعليقنا رقم "٩١٥" فراجعه ثمت.