قال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت أعلم من حماد بن زيد، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وما رأيت بالبصرة أحدًا أفقه منه -يعني: حماد بن زيد. وقال آخر: هو أجل أصحاب أيوب السختياني، وأثبتهم.
وعن حماد بن زيد قال: جالست أيوب عشرين سنة.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرًا في هيئته ودله -أظنه قال: وسمته.
قلت: تأخر موته عن مالك قليلًا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين.
قال أبو حاتم بن حبان: كان ضريرًا، يحفظ حديثه كله.
قلت: إنما أضر بأخرة.
قال أبو بكر الخطيب: قد روى عنه: إبراهيم عن أبي عبلة، والثوري، وخلق آخرهم وفاةً: الهيثم بن سهل التُّسْتَري.
قال محمد بن مُصَفَّى: حدثنا بقية بن الوليد، قال: ما رأيت بالعراق مثل حماد بن زيد. وقد خلف بن هشام البزار: المدلس متشبع بما لم يعط.
قلت: هو داخل في قوله تعالى: ﴿وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ [آل عمران: ١٨٨]. قلت: والمدلس فيه شيء من الغش، وفيه عدم نصح للأمة، لا سيما إذا دلس الخبر الواهي، يوهم أنه صحيح، فهذا لا يحل بوجه، بخلاف باقي أقسام التدليس، وما أحسن قول عبد الوارث بن سعيد: التدليس ذل.
جماعة سمعوا سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: ٢]، قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن يعمر.
وروى سليمان بن أيوب صاحب البصري -وهو صادق: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما رأيت أحدًا أعلم من حماد بن زيد، لا سفيان ولا مالك.
وقال محمد بن عيسى بن الطباع: ما رأيت أعقل من حماد بن زيد.