للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنظرن إليه كيف يصنع؟ قال: فجعل لا يرتفع له شيء إلا هتكه وأفراه، حتى انتهى إلى نسوة في سفح جبل معهن دفوف لهن، فيهن امرأة وهي تقول:

نحن بنات طارق … نمشي على النمارق (١)

إن تقبلوا نعانق … أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق (٢)

قال: فاهوى بالسيف إلى امرأة ليضربها، ثم كف عنها. فلما انكشف القتال قلت له: كل عملك قد رأيت ما خلا رفعك السيف على المرأة ثم لم تضربها. قال أكرمت سيف رسول الله أن أقتل به امرأة.

وروى جعفر بن عبد الله بن أسلم، مولى عمر، عن معاوية بن معبد بن كعب بن مالك أن رسول الله قال حين رأى أبا دجانة يتبختر: إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن.

وقال ابن إسحاق، عن الزهري وغيره: إن رجلا من المشركين خرج يوم أحد، فدعا إلى البراز، فأحجم الناس عنه حتى دعا ثلاثا، وهو على جمل له، فقام إليه الزبير فوثب حتى استوى معه على بعيره، ثم عانقه فاقتتلا فوق البعير جميعا، فقال رسول الله : "الذي يلي حضيض الأرض مقتول". فوقع المشرك ووقع عليه الزبير فذبحه. ثم إن النبي قرب الزبير فأجلسه على فخذه وقال: "إن لكل نبي حواريا والزبير حواريي".

قال ابن إسحاق: واقتتل الناس حتى حميت الحرب، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس، وحمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وآخرون.

وقال زهير بن معاوية: حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعت البراء يحدث قال: جعل رسول الله على الرماة يوم أحد، وكانوا خمسين، عبد الله بن جبير، وقال: "إذا رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم". قال: فهزمهم فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل قد بدت خلاخيلهن وسوقهن رافعات ثيابهن. فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة، أي قوم، الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله لهم: أنسيتم ما قال لكم


(١) النمارق: الوسائد.
(٢) الوامق: المحب.

<<  <  ج: ص:  >  >>