للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال معاوية بن صالح الأشعري: سألت أحمد بن حنبل عن شريك، فقال: كان عاقلا، صدوقًا، محدثًا، وكان شديدًا على أهل الريب والبدع، قديم السماع من أبي إسحاق قبل زهير، وقبل إسرائيل. فقلت له: إسرائيل أثبت منه? قال: نعم. قلت له: يحتج به? قال: لا تسألني عن رأيي في هذا. قلت: فإسرائيل يحتج به? قال: إي لعمري. قال: وَوُلد شريك سنة خمس وتسعين. قلت له: كيف كان مذهبه في علي وعثمان ﵄? قال: لا أدري.

قال حفص بن غياث؛ من طريق علي بن خَشْرَم، عنه: سمعت شريكًا يقول: قبض النبي ﷺ واستخار المسلمون أبا بكر، فلو علموا أن فيهم أحدا أفضل منه كانوا قد غشونا، ثم استخلف أبو بكر عمر، فقام بما قام به من الحق والعدل، فلما حضرته الوفاة، جعل الأمر شورى بين ستة، فاجتمعوا على عثمان، فلو علموا أن فيهم أفضل منه كانوا قد غشونا.

قال علي بن خَشْرم: فأخبرني بعض أصحابنا من أهل الحديث: أنه عرض هذا على عبد الله بن إدريس، فقال ابن إدريس: أنت سمعت هذا من حفص? قلت: نعم. قال: الحمد لله الذي أنطق بهذا لسانه، فوالله إنه لشيعي، وإن شريكًا لشيعي.

قلت: هذا التشيع الذي لا محذور فيه -إن شاء الله- إلا من قبيل الكلام فيمن حارب عليًّا ﵁ من الصحابة، فإنه قبيح يؤذي فاعله، ولا نذكر أحدًا من الصحابة إلا بخير، ونترضى عنهم، ونقول: هم طائفة من المؤمنين بغت على الإمام علي وذلك بنص قول المصطفى -صلوات الله عليه- لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" (١). فنسأل الله أن يرضى عن الجميع، وألا يجعلنا ممن في قلبه غل للمؤمنين. ولا نرتاب أن عليًّا أفضل ممن حاربه، وأنه أولى بالحق ﵁.


(١) صحيح: أخرجه مسلم "٢٩١٥" "٧٠"، وأحمد "٥/ ٣٠٦ و ٣٠٦ - ٣٠٧" من حديث أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني أن رسول الله ﷺ قال لعمار حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه ويقول: "بؤس ابن سمية، تقتلك فئة باغية". وأخرجه أحمد "٣/ ٩٠ - ٩١"، والبخاري "٤٤٧ و ٢٨١٢" من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا، فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا، حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي ﷺ فينفض التراب عنه ويقول: "ويح عمار، تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار". قال يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. وأخرجه أحمد "٣/ ٥"، والطيالسي "٢١٦٨" من طريق داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد. وأخرجه أحمد "٣/ ٢٨"، وابن سعد "٣/ ٢٥٢" من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن هشام عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ: "ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>