إما نعيم وعيش لا انقضاء له … أو الجحيم فلا تبقي ولا تدع
تهوي بساكنها طورًا وترفعه … إذا رجوا مخرجًا من غمها قمعوا
لينفع العلم قبل الموت عالمه … قد سأل قوم بها الرجعى فما رجعوا
وروى إسحاق بن سنين لابن المبارك:
إني امرؤ ليس في ديني لغامزه … لين ولست على الإسلام طعانا
فلا أسب أبا بكر ولا عمرا … ولن أسب معاذ الله عثمانا
ولا ابن عم رسول الله أشتمه … حتى ألبس تحت الترب أكفانا
ولا الزبير حواري الرسول ولا … أهدي لطلحة شتمًا عز أو هانا
ولا أقول علي في السحاب إذًا … قد قلت والله ظلمًا ثم عدوانا
ولا أقول بقول الجهم إن له … قولا يضارع أهل الشرك أحيانا
ولا أقول تخلى من خليقته … رب العباد وولى الأمر شيطانا
ما قال فرعون هذا في تمرده … فرعون موسى ولا هامان طغيانا
الله يدفع بالسلطان معضلة … عن ديننا رحمة منه ورضوانا
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل … وكان أضعفنا نهبًا لأقوانا
فيقال: إن الرشيد أعجبه هذا، فلما أن بلغه موت ابن المبارك بهيت، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا فضل! إيذن للناس يعزونا في ابن المبارك. وقال: أما هو القائل:
الله يدفع بالسطان معضلة
فمن الذي يسمع هذا من ابن المبارك، ولا يعرف حقنا?
قال الكُدَيمي: حدثنا عبدة بن عبد الرحيم، قال: كنت عند فضيل ابن عياض وعنده ابن المبارك، فقال قائل: إن أهلك وعيالك قد احتاجوا مجهودين محتاجين إلى هذا المال، فاتق الله، وخذ من هؤلاء القوم. فزجره ابن المبارك، وأنشأ يقول:
خذ من الجاروش والـ … ـآرز والخبز الشعير
واجعلن ذاك حلالا … تنج من حر السعير
وانأ ما اسطعت هدا … ك الله عن دار الأمير