أبإذن نزلت بي يا مشيب … أي عيش وقد نزلت يطيب
وكفى الشيب واعظًا غير أني … آمل العيش والممات قريب
وكم أنادي الشباب إذ بان مني … وندائي موليًّا ما يجيب
وبه:
يا عائب الفقر ألا تزدجر … عيب الغنى أكثر لو تعتبر
من شرف الفقر ومن فضله … على الغنى لو صح منك النظر
أنك تعصي لتنال الغنى … وليس تعصي الله كي تفتقر
قال حبان بن موسى: سمعت ابن المبارك ينشد:
كيف القرار وكيف يهدأ مسلم … والمسلمات مع العدو المعتدي
الضاربات خدودهن برنة … الداعيات نبيهن محمد
القائلات إذا خشين فضيحة … جهد المقالة ليتنا لم نولد
ما تستطيع وما لها من حيلة … إلا التستر من أخيها باليد
قال أبو إسحاق الطالقاني: كنا عند ابن المبارك، فانهد القهندز، فأتى بسنين، فوجد وزن أحدهما منوان، فقال عبد الله:
أتيت بسنين قد رمتا … من الحصن لما أثاروا الدفينا
على وزن منوين إحداهما … تقل به الكف شيئًا رزينا
ثلاثون سنا على قدرها … تباركت يا أحسن الخالقينا
فماذا يقوم لأفواهها … وما كان يملأ تلك البطونا
إذا ما تذكرت أجسامهم … تصاغرت النفس حتى تهونا
وكل على ذاك ذاق الردى … فبادوا جميعًا فهم هامدونا
وجاء من طرق عن ابن المبارك -ويقال: بل هي لحميد النحوي:
اغتنم ركعتين زلفى إلى الله … إذا كنت فارغًا مستريحا
وإذا ما هممت بالنطق بالباطل … فاجعل مكانه تسبيحا
فاغتنام السكوت أفضل من … خوض وإن كنت بالكلام فصيحا