وعن وكيع قال: أهل الكوفة اليوم بخير، أميرهم داود بن عيسى، وقاضيهم حفص بن غياث، ومحتسبهم حفص الدَّوْرَقي.
وقال محمد بن أبي صفوان الثقفي: سمعت معاذ بن معاذ يقول: ما كان أحد من القضاة يأتيني كتابه أحب إلي من كتاب حفص، وكان إذا كتب إلي، كتب: أما بعد، أصلحنا الله وإياك بما أصلح به عباده الصالحين، فإنه هو الذي أصلحهم. فكان ذلك يعجبني من كتابه.
قال يحيى بن زكريا بن حيويه: قدم إلينا محمد بن طريف البجلي رطبًا، فسألنا أن نأكل، فأبيت عليه، فقال: سمعت حفص بن غياث يقول: من لم يأكل طعامنا لم نحدثه.
قال عمر بن حفص: سمعت أبي يقول مررت بطاق اللحامين، فإذا بعليان جالس، فسمعته يقول: من أراد سرور الدنيا وحزن الآخرة، فليتمن ما هذا فيه، فوالله لقد تمنيت أني كنت مت قبل أن ألي القضاء.
وقال بشر الحافي: قال حفص بن غياث: لو رأيت أني أسر بما أنا فيه، لهلكت.
أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا القاضي أبو الطيب، وابن روح، قالا: أخبرنا المعافى بن زكريا، حدثنا محمد بن مخلد، حدثني أبو علي بن علان إملاء سنة ٢٦٦، حدثني يحيى بن الليث، قال: باع رجل من أهل خراسان جمالا بثلاثين ألف درهم من مَرْزُبان المجوسي، وكيل أم جعفر، فمطله بثمنها، وحبسه، فطال ذلك على الرجل، فأتي بعض أصحاب حفص بن غياث، فشاوره. فقال: اذهب إليه، فقل له: أعطني ألف درهم، وأحيل عليك بالمال الباقي، وأخرج إلى خراسان، فإذا فعل هذا فالقني حتى أشير عليك. ففعل الرجل، وأعطاه مرزبان ألف درهم. قال: فأخبره. فقال: عد إليه، فقل: إذا ركبت غدًا، فطريقك على القاضي، تحضر، وأوكل رجلا يقبض المال، وأخرج، فإذا جلس إلى القاضي فأدع عليه بمالك، فإذا أقر، حبسه حفص، وأخذت مالك. فرجع إلى مرزبان، وسأله، فقال: انتظرني بباب القاضي. فلما ركب من الغد، وثب إليه الرجل، فقال: إن رأيت أن تنزل إلى القاضي حتى أوكل بقبض المال، وأخرج. فنزل مرزبان، فتقدما إلى حفص بن غياث. فقال الرجل: أصلح الله القاضي، لي على هذا الرجل تسعة وعشرون ألف درهم. فقال حفص: ما تقول يا مجوسي? قال: صدق، أصلح الله القاضي. قال: ما تقول يا رجل، فقد أقر لك? قال: يعطيني مالي. فقال: ما تقول؟ قال: هذا المال على السيدة. قال: أنت أحمق تقر ثم تقول: هو على السيدة! ما