للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أستطيع مقابلة ما كان منك. قال: في قلب أمير المؤمنين علي موجدة، فتخرجها. قال: قد رضي عنك أمير المؤمنين. قال: وعلي أربعة آلاف ألف. قال: قضي دينك. قال: وابني إبراهيم، أحب أن أزوجه. قال: قد زوجه أمير المؤمنين بالعالية بنته. قال: وأوثر أن يولى بلدًا. قال: قد ولاه أمير المؤمنين مصر، فخرج ونحن متعجبون من إقدام جعفر على هذه الأمور العظيمة، من غير استئذان، وركب إلى الرشيد، فأمضى له الجميع.

قال ابن خلكان: بلغ من أمر جعفر أن الرشيد اتخذ له ثوبًا له زيقان يلبسه هو وهو، ولم يكن له عنه صبر، وكانت عباسة أخت الرشيد أعز امرأة عليه، فكان متى غابت أو غاب جعفر تنغص، وقال لجعفر: سأزوجكها لمجرد النظر، فاحذر أن تخلو بها، فزوجه. فقيل: إنها أحبته، وراودته، فأبى، وأعيتها الحيلة، فبعثت إلى والدة جعفر: أن ابعثيني إلى ابنك كأنني جارية لك، تتحفينه بها، فأبت. فقالت: لئن لم تفعلي، لأقولن عنك: إنك دعوتيني إلى هذا، ولئن ولدت من ابنك، ليكونن لكم الشرف، فأجابتها. قال: فافتضها، فقالت: كيف رأيت خديعة بنات الخلفاء، فأنا مولاتك، فطار السكر من رأسه، وقام، وقال لأمه: بعتيني -والله- رخيصًا، وحبلت منه، فلما ولدت، وكلت بالولد خادمًا ومرضعًا، وبعثتهم إلى مكة، ثم وشت بها زبيدة، فحج، وتحقق الأمر، فأضمر السوء للبرامكة، وأشار أبو نواس إلى ذلك، فقال:

ألا قل لأمين اللْـ … ـلَه وابن القادة الساسه

إذا ما ناكث سرْ … رَك أن تعدمه راسه

فلا تقتله بالسيف … وزوجه بعباسه

وسئل سعيد بن سالم عن ذنب البرامكة، فقال: ما كان منهم بعض ما يوجب ما فعل الرشيد، لكن طالت أيامهم، وكل طويل يُمَلُّ.

وقيل: رفعت القصة إلى الرشيد فيها:

قل لأمين الله في أرضه … ومن إليه الحل والعقد

هذا ابن يحيى قد غدا مالكًا … مثلك ما بينكما حد

أمرك مردود إلى أمره … وأمره ما إن له رد

وقد بنى الدار التي ما بنى الـ … ـفرس لها مثلا ولا الهند

الدر والياقوت حصباؤها … وتربها العنبر والند

ونحن نخشى أنه وارث … ملكك إن غيبك اللحد

<<  <  ج: ص:  >  >>