وقيل: إن أخته قالت له: ما رأيت لك سرورًا منذ قتلت جعفرًا، فلم قتلته? قال: لو علمت أن قميصي يعلم السبب لمزقته.
عن محمد بن عبد الرحمن الهاشمي خطيب الكوفة، قال: دخلت على أمي يوم الأضحى، وعندها عجوز في أثواب رثة، فقالت: تعرف هذه? قلت: لا. قالت: هذه والدة جعفر البرمكي، فسلمت عليها، ورحبت بها، وقلت: حدثينا ببعض أمركم. قالت: لقد هجم عليَّ مثل هذا العيد، وعلى رأسي أربعمائة جارية، وأنا أزعم أن ابني عاق لي، وقد أتيتكم يقنعني جلد شاتين، أجعل أحدهما فراشًا لي. قال: فأعطيتها خمسمائة درهم، فكادت تموت فرحًا.
لم يزل يحيى، وآله محبوسين، وحالهم حسنة، إلى أن سخط الرشيد على ابن عمه عبد الملك بن صالح، فعمهم بسخطه، وجدد لهم التهمة، وضيق عليهم.
ودامت جثة جعفر معلقة مدة، وعلقت أطرافه بأماكن، ثم أحرقت.
وقيل: لم يحبس محمد بن يحيى.
وفي تاريخ ابن خلكان: أن الرشيد دعا ياسرًا غلامه، فقال: قد انتخبتك لأمر لم أر له الأمين ولا المأمون، فحقق ظني. قال: لو أمرتني بقتل نفسي لفعلت. قال: ائتني برأس جعفر، فوجم لها. قال: ويلك ما لك? قال: الأمر عظيم، ليتني مت قبل هذا. قال: امض ويلك. فمضى، فأتى جعفرًا، فقال: يا ياسر! سررتني بإقبالك، لكن سؤتني بدخولك بلا إذن. قال: الأمر وراء ذلك يا جعفر، قد أمرت بكذا. قال المسكين -وأقبل يقبل قدمه- وقال: دعني أدخل وأوصي. قال: لا سبيل إلى ذلك، فأوص. فقال: لي عليك حق، فارجع إلى أمير المؤمنين، وقل: قتلته، فإن ندم كانت حياتي على يدك. قال: لا أقدر. قال: فآتي معك إلى مخيمه، وأسمع كلامه، وقولك له. قال: أما هذا فنعم، وذهب به، فلما دخل ياسر، قال: ما وراءك? فذكر له قول جعفر، فشتمه، وقال: لئن راجعتني، لأقدمنك قبله، فخرج وضرب عنقه، وأتاه برأسه. فقال: يا ياسر جئني بفلان وفلان فلما أتاه بهما قال: اضربا عنقه، فإني لا أقدر أرى قاتل جعفر.