قال الفضل بن زياد: سألت أحمد بن حنبل عن وهيب وابن علية: أيهما أحب إليك إذا اختلفا? فقال: وهيب، وما زال إسماعيل وضيعًا من الكلام الذي تكلم فيه، إلى أن مات. قلت: أليس قد رجع وتاب على رءوس الناس? قال: بلى، ولكن ما زال لأهل الحديث -بعد كلامه ذلك- مبغضًا، وكان لا ينصف في الحديث، كان يحدث بالشفاعات، وكان معنا رجل من الأنصار، يختلف إلى الشيوخ، فأدخلني عليه، فلما رآني، غضب، وقال: من أدخل هذا عليَّ?
قلت: معذور الإمام أحمد فيه.
قال الإمام أحمد: بلغني أنه أدخل على الأمين، فلما رآه، زحف، وجعل يقول: يا ابن الفاعلة! تتكلم في القرآن. وجعل إسماعيل يقول: جعلني الله فداك، زلة من عالم. ثم قال أحمد: إن يغفر الله له -يعني: الأمين- فبها ثم قال أحمد: وإسماعيل ثبت.
قال الفضل بن زياد: قلت: يا أبا عبد الله! إن عبد الوهاب قال: لا يحب قلبي إسماعيل أبدًا، لقد رأيته في المنام كأن وجهه أسود. فقال أحمد: عافى الله عبد الوهاب، ثم قال: لزمت إسماعيل عشر سنين إلى أن أعيب. ثم جعل يحرك رأسه كأنه يتلهف، ثم قال: وكان لا ينصف في التحدث.
قلت: توفي إسماعيل في ذي القعدة، سنة ثلاث وتسعين ومائة، عن ثلاث وثمانين سنة، وحديثه في كتب الإسلام كلها.
وله أولاد مشهورون، منهم قاضي دمشق أبو بكر محمد بن إسماعيل ابن علية، شيخ للنسائي، ثقة، حافظ، مات أبوه وهو صبي، فما لحق الأخذ عن أبيه، وسمع من: ابن مهدي، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، يروي عن: مكحول البيروتي، وابن جَوْصَا، وطائفة، مات سنة أربع وستين ومائتين.
ولابن علية ابن آخر، جَهْمِي شيطان، اسمه: إبراهيم بن إسماعيل، كان يقول بخلق القرآن، ويناظر.
وابن آخر، اسمه: حماد بن إسماعيل، لحق أباه، وهو من شيوخ مسلم.
قال محمد بن سعد الكاتب: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، مولى عبد الرحمن بن قطبة الأسدي؛ أسد خزيمة، كوفي، كان جده مقسم من سبي القيقانية، وهي ما بين خراسان وزابلسان، وكان إبراهيم ابن مقسم تاجرًا من الكوفة، كان يقدم البصرة للتجارة، فتخلف، وتزوج علية بنت حسان؛ مولاة لبني شيبان، وكانت نبيلة عاقلة، لها دار بالعوقة بالبصرة،