للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال حماد بن سلمة: ما كنا نشبه شمائل إسماعيل ابن علية إلا بشمائل يونس، حتى دخل فيما دخل فيه.

قلت: يريد ولايته الصدقة، وكان موصوفًا بالدين، والورع، والتأله، منظورًا إليه في الفضل والعلم، وبدت منه هفوات خفيفة، لم تغير رتبته إن شاء الله.

وقد بعث إليه ابن المبارك بأبيات حسنة يعنفه فيها، وهي:

يا جاعل العلم له بازيا … يصطاد أموال المساكين

احتلت للدنيا ولذاتها … بحيلة تذهب بالدين

فصرت مجنونًا بها بعدما … كنت دواء للمجانين

أين رواياتك فيما مضى … عن ابن عون وابن سيرين

ودرسك العلم بآثاره … في ترك أبواب السلاطين

تقول أكرهت فماذا كذا … زل حمار العلم في الطين

لا تبع الدين بالدنيا كما … يفعل ضلال الرهابين

وروى الخطيب في "تاريخه": أن الحديث الذي أخذ على إسماعيل شيء يتعلق بالكلام في القرآن.

دخل على الأمين محمد بن هارون، فشتمه محمد، فقال: أخطأت، وكان حدث بهذا الحديث: "تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان تحاجان عن صاحبهما" (١). فقيل لابن علية: ألهما لسان? قال: نعم. فقالوا: إنه يقول: القرآن مخلوق، وإنما غلط.


(١) صحيح: أخرجه مسلم "٨٠٤"، وأحمد "٥/ ٢٤٩" من طريق أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله يقول: "اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرءوا الزّهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة". قال معاوية: بلغني أن البطلة السحرة.
قوله: "الزهراوين": سميتا الزهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما. "كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان": قال أهل اللغة: الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه سحابة وغبرة وغيرهما. قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين. "كأنهما فرقان من طير صواف": الفرقان هما قطيعان وجماعتان. "من طير صواف" أي جماعة صافة، وهي من الطيور ما يبسط أجنحتها في الهواء.
"تحاجان عن أصحابهما": أي تدافعان الجحيم والزبانية. وهو كناية عن المبالغة في الشفاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>