ومعنى خبر ابن عباس عندي حيث قال: تزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو محرم يريد به: وهو داخل الحرم لا أنه كان محرما، كما يقال للرجل إذا دخل الظلمة: أظلم، وأنجد: إذا دخل نجدا، وأتهم: إذا دخل تهامة، وإذا دخل الحرم: أحرم، وإن لم يكن نفسه محرما وذلك أن المصطفى ﷺ، عزم على الخروج إلى مكة في عمرة القضاء، فلما عزم على ذلك، بعث من المدينة أبا رافع، ورجلا من الأنصار إلى مكة ليخطبا ميمونة له، ثم خرج ﷺ وأحرم، فلما دخل مكة طاف، وسعى وحل من عمرته، وتزوج ميمونة وهو حلال بعد ما فرغ من عمرته، وأقام بمكة ثلاثا، ثم سأله أهل مكة الخروج منها، فخرج منها، فلما بلغ بسرف، بنى بها بسرف وهما حلالان، فحكى ابن عباس نفس العقد الذي كان بمكة وهو داخل الحرم بلفظ الحرام، وحكى يزيد بن الأصم القصة على وجهه، وأخبر أبو رافع أنه ﷺ تزوجها وهما حلالان، وكان الرسول بينهما، وكذلك حكت ميمونة عن نفسها، فدلتك هذه الأشياء مع زجر المصطفى ﷺ عن نكاح المحرم وإنكاحه على صحة ما أصلنا ضد قول من زعم أن أخبار المصطفى ﷺ تتضاد وتتهاتر حيث عول على الرأي المنحوس، والقياس المعكوس". (١) قاله الفسوي في "المعرفة والتاريخ" "٣/ ٧ - ٨".