القاسم لم تك فحاشا. فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ وكانوا حلفاءه، فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم.
وقال محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده علقمة، عن عائشة قالت: جاء جبريل وعلى ثناياه النقع، فقال: أوضعت السلاح؟ والله ما وضعته الملائكة، اخرج إلى بني قريظة. فلبس رسول الله ﷺ لأمته، وأذن بالرحيل، ثم مر على بني عمرو فقال:"من مر بكم"؟. قالوا: دحية. وكان دحية يشبه لحيته ووجهه جبريل فأتاهم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، ثم نزلوا على حكم سعد، وذكر الحديث بطوله في مسند أحمد.
وقال يونس، عن ابن إسحاق: قدَّم رسول الله عليا معه رايته وابتدر الناس.
وقال موسى بن عقبة: وخرج رسول الله ﷺ في إثر جبريل، فمر على مجلس بني غنم وهم ينتظرون رسول الله ﷺ، فسألهم:"مر عليكم فارس آنفا"؟. فقالوا: مر علينا دحية على فرس أبيض تحته نمط أو قطيفة من ديباج عليه اللأمة. قال:"ذاك جبريل". وكان رسول الله ﷺ يشبه دحية بجبريل قال: ولما رأى علي بن أبي طالب رسول الله ﷺ مقبلا تلقاه وقال: ارجع يا رسول الله، فإن الله كافيك اليهود وكان علي سمع منهم قولا سيئا لرسول الله ﷺ وأزواجه. فكره عليٌّ أن يسمع ذلك، فقال: لم تأمرني بالرجوع؟ فكتمه ما سمع منهم. قال:"أظنك سمعت لي منهم أذى؟ فامض فإن أعداء الله لو قد رأوني لم يقولوا شيئا مما سمعت".
فلما نزل رسول الله ﷺ بحصنهم، وكانوا في أعلاه، نادى بأعلى صوته نفرا من أشرافها حتى أسمعهم فقال:"أجيبونا يا معشر يهود يا إخوة القردة، لقد نزل بكم خزي الله". فحاصرهم ﷺ بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة، ورد الله حيي بن أخطب حتى دخل حصنهم، وقذف الله في قلوبهم الرعب، واشتد عليهم الحصار، صرخوا بأبي لبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاء الأنصار فقال: لا آتيهم حتى يأذن لي رسول الله ﷺ. فقال:"قد أذنت لك فأتاهم". فبكوا إليه وقالوا: يا أبا لبابة ماذا ترى فأشار بيده إلى حلقه يريهم أن ما يراد بكم القتل، فلما انصرف سُقط في يده ورأى أنه قد أصابته فتنة عظيمة، فقال: والله لا أنظر في وجه رسول الله ﷺ حتى أحدث لله توبة نصوحا يعلمها الله من نفسي فرجع إلى المدينة فربط يديه إلى جذع من جذوع المسجد فزعموا أنه ارتبط قريبا من عشرين ليلة.
فقال رسول الله ﷺ، كما ذُكِرَ، حين راث عليه (١) أبو لبابة: "أما فرغ أبو لبابة من