حلفائه"؟. قالوا: يا رسول الله! قد والله انصرف من عند الحصن وما ندري أين سلك؟ فقال:
"قد حدث له أمر". فأقبل رجل فقال: يا رسول الله! رأيت أبا لبابة ارتبط بحبل إلى جذع من جذوع المسجد. فقال رسول الله ﷺ: "لقد أصابته بعدي فتنة". ولو جاءني لاستغفرت له، فإذ فعل هذا فلن أحركه من مكانه حتى يقضي الله فيه ما شاء".
وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، فذكر نحو ما قص موسى بن عقبة، وعنده: فلبس رسول الله ﷺ لأمته وأذن بالخروج، وأمرهم أن يأخذوا السلاح ففزع الناس للحرب وبعث عليا على المقدمة ودفع إليه اللواء ثم خرج رسول الله ﷺ على آثارهم.
ولم يقل بضع عشرة ليلة.
وقال يونس بن بكير والبكائي -واللفظ له- عن ابن إسحاق قال: حاصرهم رسول الله ﷺ خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب وكان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان، وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه، فلما أيقنوا بأن رسول الله ﷺ غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قال كعب بن أسد: يا معشر يهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم قالوا: وما هي؟ قال: نبايع هذا الرجل ونصدقه، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه للذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على دمائكم وأموالكم. قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا ولا نستبدل به غيره. قال: فإذ أبيتم عليَّ هذه، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه، وإن نظهر فلعمري لنتخذن النساء والأبناء. قالوا: نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم؟ قال: فإن أبيتم هذه فإن الليلة ليلة السبت وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوا فيها فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة. قالوا: نفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا، إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ؟ قال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما.
رواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، لكنه قال عن أبيه، عن معبد بن كعب بن مالك، فذكره وزاد فيه: ثم بعثوا يطلبون أبا لبابة، وذكر ربطه نفسه.
وزعم سعيد بن المسيب: أن ارتباطه بسارية التوبة كان بعد تخلفه عن غزوة تبوك حين أعرض عنه رسول الله ﷺ وهو عليه عاتب، بما فعل يوم قريظة، ثم تخلف عن غزوة تبوك فيمن تخلف. والله أعلم.