وفي رواية علي بن أبي طلحة، وعطية العوفي، عن ابن عباس في ارتباطه حين تخلف عن تبوك ما يؤكد قول ابن المسيب وقيل: نزلت هذه الآية في أبي لبابة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ [الأنفال: ٢٧].
وقال البكائي، عن ابن إسحاق: حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط، أن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله ﷺ وهو في بيت أم سلمة، قالت أم سلمة: فسمعت رسول الله ﷺ من السحر وهو يضحك، فقلت: مم تضحك؟ قال:"تيب على أبي لبابة". قلت: أفلا أبشره؟ قال:"إن شئتِ". قال: فقامت على باب حجرتها، وذلك قبل أن يضرب عليهم الحجاب، فقالت: يا أبا لبابة! أبشر فقد تاب الله عليك. قالت: فثار إليه الناس ليطلقوه. فقال: لا والله حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يطلقني بيده. فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.
قال عبد الملك بن هشام: أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال؛ تأته امرأته في وقت كل صلاة تحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، فيما حدثني بعض أهل العلم الآية التي نزلت في توبته: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ [التوبة: ١٠٢].
قال ابن إسحاق: ثم إن ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد، وهم نفر من هدل، أسلموا تلك الليلة التي نزل فيها بنو قريظة على حكم رسول الله ﷺ.
شعبة: أخبرني سعد بن إبراهيم قال: أبا أمامة بن سهل يحدث عن أبي سعيد قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل إليه رسول الله ﷺ، فأتاه على حمار فلما دنا قريبا من المجد قال رسول الله ﷺ:"قوموا إلى سيدكم -أو- إلى خيركم". فقال:"إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك". فقال: تقتل مقاتلتهم وتسبى ذريتهم. فقال رسول الله ﷺ:"لقد حكمت عليهم بحكم الله". وربما قال:"بحكم الملك". متفق عليه (١).
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: قاموا إليه فقالوا: يا أبا عمرو! قد ولاك رسول الله ﷺ أمر مواليك لتحكم فيهم. فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه؟ قالوا:
(١) صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "٣/ ٢٢ و ٧١" والبخاري "٣٠٤٣" و"٣٨٠٤" و"٤١٢١" و"٤٢٦٢"، ومسلم "١٧٦٨"، "٦٤"، وأبو داود "٥٢١٥" و"٥٢١٦"، والنسائي في "الفضائل"، "١١٨"، وابن سعد "٣/ ٤٢٤"، والطبراني "٥٣٢٣"، والبيهقي "٦/ ٥٧ - ٥٨" و"٩/ ٦٣"، والبغوي "٢٧١٨" من طرق عن شعبة، به.