قال الربيع: سمعت الشافعي قال لبعض أصحاب الحديث: أنتم الصيادلة ونحن الأطباء.
زكريا الساجي: حدثني أحمد بن مردك الرازي، سمعت عبد الله بن صالح صاحب الليث يقول: كنا عند الشافعي في مجلسه، فجعل يتكلم في تثبيت خبر الواحد عن النبي ﷺ فكتبناه وذهبنا به إلى إبراهيم بن علية، وكان من غلمان أبي بكر الأصم، وكان في مجلسه عند باب الصوفي، فلما قرأنا عليه جعل يحتج بإبطاله فكتبنا ما قال، وذهبنا به إلى الشافعي فنقضه، وتكلم بإبطاله ثم كتبناه وجئنا به إلى ابن علية، فنقضه ثم جئنا به إلى الشافعي فقال: إن ابن علية ضال قد جلس بباب الضوال يضل الناس.
قلت: كان إبراهيم من كبار الجهمية وأبوه إسماعيل شيخ المحدثين إمام.
المزني: سمعت الشافعي يقول: من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
إبراهيم بن متويه الأصبهاني: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال الشافعي: كل حديث جاء من العراق، وليس له أصل في الحجاز فلا تقبله، وإن كان صحيحًا ما أريد إلَّا نصيحتك.
قلت: ثم إن الشافعي رجع عن هذا وصحح ما ثبت إسناده لهم.
ويروى عنه: إذا لم يوجد للحديث أصل في الحجاز ضعف، أو قال: ذهب نخاعه.
أخبرنا إبرهيم بن علي العابد في كتابه أخبرنا زكريا العلبي وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي قال: أفادني يعقوب، وكتبته من خطه أخبرنا أبو علي الخالدي، سمعت محمد بن الحسين الزعفراني سمعت عثمان بن سعيد بن بشار الأنماطي، سمعت المزني يقول: كنت أنظر في الكلام قبل أن يقدم الشافعي فلما قدم أتيته فسألته عن مسألة من الكلام، فقال لي: تدري أين أنت؟ قلت: نعم في مسجد الفسطاط قال لي: أنت في تاران (١) قال عثمان: وتاران موضع في
(١) تاران: جزيرة في بحر القلزم، بين القلزم وأيلة، وهو أخبث مكان في البحر، وذاك أن به دوران ماء في سفح جبل إذا وقعت الريح على ذروته انقطعت الريح قسمين، فتلقى المركب بين شعبتين من هذا الجبل متقابلتين فتخرج الريح من كليهما، كل واحد مقابلة للأخرى، فيثور البحر على كل سفينة تقع في ذلك الدوران باختلاف الريحين، فتنقلب ولا تسلم أبدا. قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان" فشبه الشافعي من ألقى عليه الشبه ولم يكن عنده جواب بمن ركب البحر في الموضع الذي أغرق الله فرعون وجنوده، وأشرف على الهلاك، ثم علمه جواب ما ألقى عليه من شبه، حتى زالت هذه الشبه، ونجا من الغرق.