روى أبو الشيخ الحافظ، وغيره من غير وجه: أن الشافعي لما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك وأقبلوا عليه فلما أن رأوه يخالف مالكًا، وينقض عليه جفوه وتنكروا له فأنشأ يقول:
أأنثر درًا بين سارحة النعم … وأنظم منثورًا لراعية الغنم
لعمري لئن ضيعت في شر بلدة … فلست مضيعًا بينهم غرر الحكم
فإن فرج الله اللطيف بلطفه … وصادفت أهلًا للعلوم وللحكم
بثثت مفيدًا واستفدت ودادهم … وإلا فمخزون لدي ومكتتم
ومن منح الجهال علمًا أضاعه … ومن منع المستوجبين فقد ظلم
وكاتم علم الدين عمن يريده … يبوء بإثم زاد وآثم إذا كتم
قال أبو عبد الله بن منده: حدثت عن الربيع قال: رأيت أشهب ابن عبد العزيز ساجدًا يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي لا يذهب علم مالك، فبلغ الشافعي فأنشأ يقول:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت … فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى … تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم … لئن مت ما الداعي علي بمخلد
قال المبرد: دخل رجل على الشافعي فقال: إن أصحاب أبي حنيفة لفصحاء فأنشأ يقول:
فلولا الشعر بالعلماء يزري … لكنت اليوم أشعر من لبيد
وأشجع في الوغى من كل ليث … وآل مهلب وأبي يزيد
ولولا خشية الرحمن ربي … حسبت الناس كلهم عبيدي
ولأبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي في الشافعي:
ومن شعب الإيمان حب ابن شافع … وفرض أكيد حبه لا تطوع
وإني حياتي شافعي فإن أمت … فتوصيتي بعدي بأن يتشفعوا
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن غانم في كتاب مناقب الشافعي له، وهو مجلد: جمعت ديوان شعر الشافعي كتابًا على حدة ثم إنه ساق بإسناد له إلى ثعلب قال: الشافعي إمام في اللغة.