للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لبث قليلا يدرك الهيجا حمل … ما أحسن الموت إذا حان الأجل

قالت: وعليه درع قد خرجت منها أطرافه، فتخوفت على أطرافه، وكان من أطول الناس وأعظمهم. قالت: فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر فيهم عمر، وفيهم رجل عليه مغفر فقال لي عمر: ما جاء بك؟ والله إنك لجريئة، وما يؤمنك أن يكون تحوزا وبلاء. فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ، فدخلت فيها. قالت: فرفع الرجل المغفر عن وجهه، فإذا طلحة بن عبيد الله، فقال: ويحكَ، قد أكثرت وأين التحوز والفرار إلا إلى الله؟ قالت: ويرمي سعدا رجل من قريش، يقال له: ابن العرقة بسهم، قال: خذها، وأنا ابن العرقه، فأصاب أكحله. فدعا الله سعد فقال: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من قريظة. وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية فرقأ كلمه وبعث الله الريح على المشركين. وساق الحديث بطوله، وفيه قالت: فانفجر كلمه وقد كان برئ حتى ما يرى منه إلا مثل الخرص (١). ورجع إلى قبته. قالت: وحضره رسول الله وأبو بكر وعمر فإني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر، وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله تعالى: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩]، قال: فقلت: ما كان رسول الله يصنع؟ قالت: كانت عيناه لا تدمع على أحد ولكنه إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته.

وقال حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله ، فأرسل إلى سعد بن معاذ فأتى به محمولا على حمار وهو مضني من جرحه، فقال له: "أشر عليَّ في هؤلاء". فقال: إني أعلم أن الله قد أمرك فيهم بأمر أنت فاعله. قال: "أجل، ولكن أشر عليَّ فيهم". فقال: لو وليت أمرهم قتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم وقسمت أموالهم. فقال: "والذي نفسي بيده لقد أشرت عليَّ فيهم بالذي أمرني الله به" (٢).

وقال محمد بن سعد: أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثني محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، سمع عامر بن سعد، عن أبيه، قال: لما حكم سعد بن معاذ في قريظة أن


(١) الخرص: الحلقة الصغيرة من الحلي، وهو من حلي الأذن.
(٢) صحيح: أخرجه أحمد "٣/ ٢٢ و ٧١"، والبخاري "٣٠٤٣" و"٣٨٠٤" و"٤١٢١" و"٦٢٦٢"، ومسلم "١٧٦٨"، "٦٤"، وأبو داود "٥٢١٥"، "٥٢١٦" من حديث أبي سعيد الخدري به.
وأخرجه أحمد "٦/ ١٤١ - ١٤٢"، وابن أبي شيبة "١٤/ ٤٠٨ - ٤١١"، وابن سعد "٣/ ٤٢١ - ٤٢٣" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن عائشة به في حديث طويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>