للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والبيضاء، ويخرجون منها، واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد. فغيبوا مسكا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير. فقال رسول الله لعم حيي: "ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير"؟ قال: أذهبته النفقات والحروب. فقال: "العهد قريب والمال أكثر من ذلك". فدفعه رسول الله إلى الزبير، فمسه بعذاب، وقد كان حيي قبل ذلك دخل خربة، فقال عمه: قد رأيت حييا يطوف في خربة ههنا. فذهبوا فطافوا، فوجدوا المسك في الخربة. فقتل رسول الله ابني حقيق، وأحدهما زوج صفية. وسبى رسول الله نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا. وأراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها. ولم يكن لرسول الله ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، فأعطاهم على النصف ما بدا لرسول الله . فكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر. فشكوا إلى رسول الله شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال: يا أعداء الله تطمعوني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.

قال: ورأى رسول الله بعين صفية خضرة، فقال: "ما هذه"؟ قالت: كان رأسي في حجر ابن أبي الحقيق وأنا نائمة، فرأيت كأن قمرا وقع في حجري فأخبرته بذلك، فلطمني وقال: تمنين ملك يثرب؟ قالت: وكان رسول الله من أبغض الناس إلي، قتل أبي وزوجي. فما زال يعتذر إلي ويقول: "إن أباك ألب العرب علي وفعل وفعل"، حتى ذهب ذلك من نفسي.

وكان رسول الله يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر كل عام، وعشرين وسقا من شعير.

فلما كان زمن عمر غشوا المسلمين، وألقوا ابن عمر من فوق بيت، ففدعوا يديه، فقال عمر: من كان له سهم بخيبر فليحضر، حتى قسمها بينهم. وقال رئيسهم: لا تخرجنا، دعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله وأبو بكر. فقال له: أتراه سقط عني قول رسول الله كيف بك إذا رقصت بك (١) راحلتك تخوم الشام يوما ثم يوما ثم يوما. وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية.


(١) رقصت بك: أي أسرعت بك.

<<  <  ج: ص:  >  >>