للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال سعيد بن عبد العزيز: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: من عمل بلا اتباع سنة، فعمله باطل.

وقال: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب، أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه.

قال أبو عبد الرحمن السلمي في "تاريخ الصوفية": سمعت محمد بن جعفر بن مطر سمعت إبراهيم بن يوسف الهسنجاني يقول: رمى أحمد بن أبي الحواري بكتبه في البحر، وقال: نعم الدليل كنت والاشتغال بالدليل بعد الوصول محال.

السلمي: سمعت محمد بن عبد الله الطبري يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، ثم حمل كتبه كلها إلى البحر، فغرقها، وقال: يا علم لم أفعل بك هذا استخفافًا، ولكن لما اهتديت بك، استغنيت عنك.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن عبد الرحيم بن محمد الكاغدي، وأخبرنا إسحاق بن خليل، أخبرنا الكاغدي، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لراهب في دير حرملة، وأشرف من صومعته: ما اسمك? قال: جريج. قلت: ما يحبسك? قال: حبست نفسي عن الشهوات. قلت: أما كان يستقيم لك أن تذهب معنا ههنا، وتجيء، وتمنعها الشهوات? قال: هيهات! هذا الذي تصفه قوة، وأنا في ضعف. قلت: ولم تفعل هذا? قال: نجد في كتبنا أن بدن ابن آدم خلق من الأرض، وروحه خلق من ملكوت السماء، فإذا أجاع بدنه وأعراه وأسهره وأقمأه (١) نازع الروح إلى الموضع الذي خرج منه، وإذا أطعمه وأراحه أخلد البدن إلى الموضع الذي منه خلق، فأحب الدنيا. قلت: فإذا فعل هذا يعجل له في الدنيا الثواب? قال: نعم، نور يوازيه. قال: فحدثت بهذا أبا سليمان الداراني، فقال: قاتله الله إنهم يصفون.

قلت: الطريقة المثلى هي المحمدية، وهو الأخذ من الطيبات، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون: ٥١]. وقد قال النبي : "لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآتي النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (٢). فلم يشرع لنا الرهبانية، ولا التمزق ولا


(١) أقمأه: أي أذله.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري "٥٠٦٣"، ومسلم "١٤٠١"، والنسائي "٦/ ٦٠" من حديث أنس بن مالك مرفوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>