للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوصال، بل ولا صوم الدهر، ودين الإسلام يسر، وحنيفية سمحة، فليأكل المسلم من الطيب إذا أمكنه كما قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: ٧]، وقد كان النساء أحب شيء إلى نبينا (١)، وكذلك اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك، وهو أفضل الخلق، وأحبهم إلى الله -تعالى- ثم العابد العري من العلم، متى زهد وتبتل وجاع، وخلا بنفسه، وترك اللحم، والثمار، واقتصر على الدقة، والكسرة صفت حواسه ولطفت، ولازمته خطرات النفس، وسمع خطابًا يتولد من الجوع، والسهر لا وجود لذلك الخطاب، والله في الخارج، وولج الشيطان في باطنه وخرج، فيعتقد أنه قد، وصل وخوطب وارتقى فيتمكن منه الشيطان، ويوسوس له، فينظر إلى المؤمنين بعين الازدراء، ويتذكر ذنوبهم، وينظر إلى نفسه بعين الكمال، وربما آل به الأمر إلى أن يعتقد أنه ولي، صاحب كرامات وتمكن، وربما حصل له شك، وتزلزل إيمانه، فالخلوة والجوع أبوجاد الترهب، وليس ذلك من شريعتنا في شيء بلى السلوك الكامل هو الورع في القوت، والورع في المنطق، وحفظ اللسان، وملازمة الذكر، وترك مخالطة العامة، والبكاء على الخطيئة، والتلاوة بالترتيل والتدبر، ومقت النفس وذمها في ذات الله، والإكثار من الصوم المشروع، ودوام التهجد، والتواضع للمسلمين، وصلة الرحم والسماحة، وكثرة البشر، والإنفاق مع الخصاصة، وقول الحق المر برفق وتؤدة، والأمر بالعرف، والأخذ بالعفو، والإعراض عن الجاهلين، والرباط بالثغر، وجهاد العدو، وحج البيت، وتناول الطيبات في الأحايين، وكثرة الاستغفار، في السحر، فهذه شمائل الأولياء، وصفات المحمديين أماتنا الله على محبتهم.

وبالإسناد إلى أبي نعيم: حدثنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب، أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه ثم روى أبو نعيم، عن السلمي الحكايتين في تغريق كتب أحمد في البحر.


(١) فقد ورد عن أنس بن مالك أن النبي قال: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة". أخرجه أحمد "٣/ ١٢٨ و ١٩٩ و ٢٨٥"، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" "٣٢٢" و"٣٢٣"، وأبو يعلى "٣٤٨٢"، والطبراني في "الأوسط" "٥١٩٩"، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي " "ص ٩٨ و ٢٢٩"، والبيهقي "٧/ ٧٨"، والضياء في "المختارة" "١٧٣٧" من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس، به.
قلت: إسناده حسن من أجل سلام أبي المنذر، وهو ابن سليمان المزني القارئ، فإنه صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

<<  <  ج: ص:  >  >>