للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكفنوني منها، فإن أصبتم لي بعشرة ما يستر عورتي، فلا تشتروا بخمسة عشر، وابسطوا على جنازتي لبدي، وغطوا عليها كسائي، وأعطوا إنائي مسكينًا، يا أبا عبد الله إن هؤلاء قد كتبوا رأي فلان، وكتبت أنا الأثر، فأنا عندهم على غير الطريق، وهم عندي على غير الطريق، أصل الفرائض في حرفين: ما قال الله ورسوله: افعل، فهو فريضة ينبغي أن يفعل، وما قال الله ورسوله: لا تفعل، فينبغي أن ينتهى عنه، وتركه فريضة. وهذا في القرآن، وفي فريضة النبي Object وهم يقرءونه، ولكن لا يتفكرون فيه قد غلب عليهم حب الدنيا.

صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة، وسمعته كذا وكذا مرة يحلف: لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفًا من الرياء، وكان يدخل بيتًا له، ويغلق بابه، ولم أدر ما يصنع حتى سمعت ابنًا له صغيرًا يحكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: ما هذا? قالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ ويبكي، فيسمعه الصبي، فيحكيه. وكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه، واكتحل، فلا يرى عليه أثر البكاء، وكان يصل قومًا، ويكسوهم، ويقول للرسول: انظر أن لا يعلموا من بعثه، ولا أعلم منذ صحبته، وصل أحدًا بأقل من مائة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك، وكان يقول لي: اشتر لي شعيرًا أسود، فإنه يصير إلى الكنيف، ولا تشتر لي إلا ما يكفيني يوما بيوم، واشتريت له مرة شعيرًا أبيض، ونقيته، وطحنته، فرآه، فتغير لونه، وقال: إن كنت تنوقت فيه، فأطعمه نفسك لعل لك عند الله أعمالا تحتمل أن تطعم نفسك النقي، وأما أنا فقد سرت في الأرض ودرت فيها فبالله ما رأيت نفسًا تصلي أشر عندي من نفسي، فبما أحتج عند الله إن أطعمتها النقي?! خذ هذا الطعام، واشتر لي كل يوم بقطعة شعيرًا رديئًا، واشتر لي رحى، فجئني به حتى أطحن بيدي، وآكله لعلي أبلغ ما كان فيه علي وفاطمة Object.

وولد له ابن، فدفع إلي دراهم، فقال: اشتر كبشين عظيمين، وغال بهما، واشتر بعشرة دقيقًا واخبزه. ففعلت، ونخلته، فأعطاني عشرة أخر، وقال: اشتر به دقيقًا، ولا تنخله ثم قال: إن العقيقة سنة، ونخل الدقيق بدعة، ولا ينبغي أن يكون في السنة بدعة.

قال: وأما كلامه في النقض على المخالفين من المرجئة والجهمية، فشائع ذائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>