للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خطه وتقييده، فقال: يا بني ألا أنصحك? إن أبا زكريا يحدثك عن سفيان بن عيينة وهو حي، وعن وكيع وهو حي بالكوفة، وعن يحيى بن سعيد، وجماعة أحياء بالبصرة، وعن عبد الرحمن بن مهدي وهو حي بأصبهان، فاخرج في طلب العلم، ولا تضيع أيامك فعمل فيه قوله، فخرج إلى أصبهان فسمع من عبد الرحمن بن مهدي، والحسين بن حفص، ثم دخل البصرة وقد مات يحيى، فكتب عن أبي داود وأقرانه، وأكثر بها المقام، حتى مات سفيان بن عيينة.

قلت: ما كان يمكنه لقيه، فإن سفيان مات في وسط السنة، ولا كان يمكنه المسير إلى مكة إلَّا مع الوفد، وأما وكيع فمات قبل أن يتحرك الذهلي من بلده، قال: فخرج إلى اليمن، وأكثر عن عبد الرزاق وأقرانه، ثم رجع وحج، وذهب إلى مصر ثم الشام، وبارك الله له في علمه حتى صار إمام عصره.

قال أبو العباس الدغولي: سمعت صالح بن محمد الحافظ يقول: دخلت الري، وكان فضلك يذاكرني حديث شعبة، فألقى علي لشعبة، عن عبد الله بن صبيح، عن ابن سيرين، عن أنس، قال: قال رسول الله : "هذا خالي فليرني امرؤ خاله" (١) فلم أحفظ، فقال فضلك: أنا أفيدكه، إذا دخلت نيسابور ترى شيخًا سن الشيب، حسن الوجه، راكبًا حمارًا مصريًا، حسن اللباس. فإذا رأيته، فاعلم أنه محمد بن يحيى، فسله عن هذا، فهو عنده عن سعيد بن واصل، عن شعبة. فلما دخلت نيسابور استقبلني شيخ بهذا الوصف، فقلت: يشبه أن يكون. فسألت عنه، فقالوا: هو محمد بن يحيى، فتبعته إلى أن نزل، فسلمت عليه، وأخبرته بقصدي إياه، فنزلت في مسجده، وكتبت مجلسًا من أصوله، فلما خرج، وصلى قرأته عليه، ثم قلت: حدثكم سعيد بن عامر، عن شعبة? فذكرت الحديث، فقال لي: يا فتى، من ينتخب هذا الانتخاب، ويقرأ هذه القراءة، يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث عن شعبة بمثل هذا الحديث. فقلت: نعم، أيها الشيخ حدثكم سعيد بن واصل? فقال: نعم.


(١) صحيح: أخرجه الترمذي "٣٧٥٢" من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد فقال النبي : "هذا خالي فليرني امرؤ خاله".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مجالد.
قلت: مجالد، هو ابن سعيد بن عمير، ضعيف.
لكن قد تابعه إسماعيل بن أبي خالد عند الحاكم "٣/ ٤٩٨"، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن جابر، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
قلت: وهو صحيح كما قالا. وقد خرجت الحديث بنحو هذا في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] ط. دار الحديث الجزء السادس تعليق رقم "١٩٧" فراجعه ثمت إن شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>