على المنابر وسار ابن طولون فحاصر المصيصة وبها خادم فسلط الخادم على جيش أحمد بثوق النهر فهلك منهم خلق وترحلوا وتخطفهم أهل المدينة ومرض أحمد ومات مغبوناً.
وفي شوال كانت الملحمة الكبرى بين الخبيث والموفق ثم وقعت الهزيمة على الزنج وكانوا في جوع شديد وبلاء لا خفف الله عنهم وخامر عدة من قواد الخبيث وخواصه وأدخل المعتمد في ذي القعدة إلى واسط ثم التقى الخبيث والموفق فانهزمت الزنج أيضاً وأحاط الجيش فحصروا الخبيث في دار الإمارة فانملس منها إلى دار المهلبي أحد قواده وأسرت حرمه فكان النساء نحو مائة فأحسن إليهن الموفق وأحرقت الدار ثم جرت ملحمة بين الموفق والخبيث في أول سنة سبعين ثم وقعة أخرى قتل فيها الخبيث لا ﵀ وكان قد اجتمع من الجند ومن المطوعة مع الموفق نحو ثلاث مائة ألف وفي آخر الأمر شد الخبيث وفرسانه فأزالوا الناس عن مواقفهم فحمل الموفق فهزمهم وساق وراءهم إلى آخر النهر فبينا الحرب تستعر إذ أتى فارس إلى الموفق وبيده رأس الخبيث فما صدق وعرضه على جماعة فقالوا: هو هو فترجل الموفق والأمراء وخروا ساجدين لله وضجوا بالتكبير وبادر أبو العباس بن الموفق في خواصه ومعه رأس الخبيث على قناة إلى بغداد وعملت قباب الزينة وكان يوماً مشهوداً وشرع الناس يتراجعون إلى المدائن التي أخذها الخبيث وكانت أيامه خمس عشرة سنة.
قال الصولي: قد قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مائة.
قلت: وكذا عدد قتلى بابك.
قال: وكان يصعد على منبره بمدينته ويسب عثمان وعلياً وطلحة وعائشة كمذهب الأزارقة وكان ينادي على المسبية العلوية في عسكره بدرهمين وكان عند الزنجي الواحد نحو عشر علويات يفترشهن ويخدمن امرأته وفي شعبان أعادوا المعتمد إلى سامراء في أبهة تامة.
وظهر بالصعيد أحمد بن عبد الله الحسني فحاربه عسكر مصر غير مرة ثم أسر وقتل.
وفيها أول ظهور دعوة العبيدية وذلك باليمن.
وفيها نازلت الروم في مائة ألف طرسوس فبيتهم يازمان الخادم فقيل: قتل منهم سبعون ألفاً وقتل ملكهم وأخذ منهم صليب الصلبوت.