للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبني سليم، وقادوا الخيول حتى نزلوا بمر الظهران، ولم تعلم بهم قريش، قال: فبعثوا حكيم بن حزام وأبا سفيان وقالوا: خذوا لنا جوارا أو آذنونا بالحرب. فخرجا فلقيا بديل بن ورقاء فاستصحباه، فخرج معهما حتى إذا كانوا بالأراك بمكة، وذلك عشاء، رأوا الفساطيط والعسكر، وسمعوا صهيل الخيل ففزعوا: هؤلاء بنو كعب جاشت بهم الحرب. قال بديل: هؤلاء أكثر من بني كعب، ما بلغ تأليبها هذا.

وكان النبي قد بعث بين يديه خيلا لا يتركون أحدا يمضي. فلما دخل أبو سفيان وأصحابه عسكر المسلمين أخذتهم الخيل تحت الليل وأتوا بهم. فقام عمر إلى سفيان فوجأ عنقه، والتزمه القوم وخرجوا به ليدخلوا على النبي به، فحبسه الحرس أن يخلص إلى رسول الله ، وخاف القتل، وكان العباس بن عبد المطلب خالصة له في الجاهلية، فنادى بأعلى صوته: ألا تأمر بي إلى عباس؟ فأتاه عباس فدفع عنه، وسأل النبي أن يقبضه إليه.

فركب به تحت الليل، فسار به في عسكر القوم حتى أبصره أجمع. وكان عمر قال له حين وجأه: لا تدن من رسول الله حتى تموت. فاستغاث بالعباس وقال: إني مقتول. فمنعه من الناس. فلما رأى كثرة الجيش، قال: لم أر كالليلة جمعا لقوم. فخلصه عباس من أيديهم، وقال: إنك مقتول إن لم تسلم وتشهد أن محمدا رسول الله، فجعل يريد أن يقول الذي يأمره به عباس، ولا ينطلق به لسانه وبات معه.

وأما حكيم وبديل فدخلا على رسول الله فأسلما. وجعل يستخبرهما عن أهل مكة.

فلما نودي بالفجر تحسس القوم، ففزع أبو سفيان وقال: يا عباس، ما يريدون؟ قال: سمعوا النداء بالصلاة فتيسروا لحضور النبي فلما أبصرهم أبو سفيان يمرون إلى الصلاة، وأبصرهم يركعون ويسجدون إذا سجد النبي ، قال: يا عباس، ما يأمرهم بشيء إلا فعلوه؟! فقال: لو نهاهم عن الطعام والشراب لأطاعوه. فقال: يا عباس، فكلمه في قومك، هل عنده من عفو عنهم؟ فانطلق عباس بأبي سفيان حتى أدخله على النبي ، فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان، فقال أبو سفيان: يا محمد إني قد استنصرت بإلهي واستنصرت إلهك، فوالله ما لقيتك من مرة إلا ظهرت علي، فلو كان إلهي محقا وإلهك باطلا ظهرت عليك، فأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

وقال عباس: يا رسول الله إني أحب أن تأذن لي إلى قومك فأنذرهم ما نزل بهم، وأدعوهم إلى الله ورسوله. فأذن له. قال: كيف أقول لهم؟ قال: "من قال: لا إله إلا الله

<<  <  ج: ص:  >  >>