للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مخالفتهما لإجماع قطعي، ومن أهدرهم ولم يعتد بهم لم يعدهم في مسائلهم المفردة خارجين بها من الدين، ولا كفرهم بها بل يقول: هؤلاء في حيز العوام أو هم كالشيعة في الفروع، ولا نلتفت إلى أقوالهم، ولا ننصب معهم الخلاف، ولا يعتنى بتحصيل كتبهم، ولا ندل مستفتيًا من العامة عليهم وإذا تظاهروا بمسألة معلومة البطلان كمسح الرجلين أدبناهم وعزرناهم، وألزمناهم بالغسل جزمًا.

قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييبي: قال الجمهور: أنهم يعني نفاة القياس لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء.

ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي عن أبي علي بن أبي هريرة، وطائفة من الشافعية أنه لا اعتبار بخلاف داود، وسائر نفاة القياس في الفروع دون الأصول.

وقال إمام الحرمين أبو المعالي: الذي ذهب إليه أهل التحقيق: أن منكري القياس لا يعدون من علماء الأمة، ولا من حملة الشريعة لأنهم معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضة، وتواترًا لأن معظم الشريعة صادر عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام.

قلت: هذا القول من أبي المعالي أداه إليه اجتهاده، وهم فأداهم اجتهادهم إلى نفي القول بالقياس فكيف يرد الاجتهاد بمثله، وندري بالضرورة أن داود كان يقرئ مذهبه ويناظر عليه، ويفتي به في مثل بغداد، وكثرة الأئمة بها وبغيرها فلم نرهم قاموا عليه، ولا انكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا سعوا في منعه من بثه وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي شيخ المالكية، وعثمان بن بشار الأنماطي شيخ الشافعية، والمروذي شيخ الحنبلية وابني الإمام أحمد، وأبي العباس أحمد بن محمد البرتي شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران القاضي، ومثل عالم بغداد إبراهيم الحربي بل سكتوا له حتى لقد قال قاسم بن أصبغ: ذاكرت الطبري يعني ابن جرير وابن سريج فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في الفقه أين هو عندكما قالا: ليس بشيء، ولا كتاب أبي عبيد فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود ونظرائهما.

ثم كان بعده ابنه أبو بكر وابن المغلس وعدة من تلامذة داود، وعلى أكتافهم مثل: ابن سريج شيخ الشافعية، وأبي بكر الخلال شيخ الحنبلية، وأبي الحسن الكرخي شيخ الحنفية، وكان أبو جعفر الطحاوي بمصر بل كانوا يتجالسون، ويتناظرون ويبرز كل منهم بحججه،

<<  <  ج: ص:  >  >>