حريث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارا، فقتله. وأما مقيس فقتلوه في السوق. وأما عكرمة فركب البحر، وذكر قصته، ثم أسلم، وأما ابن أبي سرح فاختبأ عند عثمان، فلما دعا رسول الله ﷺ الناس إلى البيعة، جاء به عثمان حتى أوقفه على النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله. فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث. ثم أقبل على أصحابه فقال:"أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا، حيث رآني كففت، فيقتله"؟. قالوا: ما يدرينا يا رسول الله، ما في نفسك، هلا أومأت إلينا بعينك؟ قال:"إنه لا ينبغي أن يكون لنبي خائنة الأعين".
وقال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: قدم مقيس بن صبابة على رسول الله ﷺ المدينة، وقد أظهر الإسلام، يطلب بدم أخيه هشام، وكان قتله رجل من المسلمين يوم بني المصطلق ولا يحسبه إلا مشركا، فقال رسول الله ﷺ:"إنما قتل أخوك خطأ". وأمر له بديته، فأخذها، فمكث مع المسلمين شيئا، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ولحق بمكة كافرا.
فأمر رسول الله ﷺ -عام الفتح- بقتله، فقتله رجل من قومه يقال له: نميلة بن عبد الله؛ بين الصفا والمروة.
وحدثني عبد الله بن أبي بكر، وأبو عبيدة بن محمد بن عمار: أن رسول الله ﷺ إنما أمر بقتل ابن أبي سرح؛ لأنه كان قد أسلم، وكتب لرسول الله ﷺ الوحي، فرجع مشركا ولحق بمكة.
قال ابن إسحاق: وإنما أمر بقتل عبد الله بن خطل؛ أحد بني تميم بن غالب؛ لأنه كان مسلما، فبعثه رسول الله ﷺ مصدقا، وبعث معه رجلا من الأنصار، وكان معه مولى يخدمه وكان مسلمًا. فنزلا منزلا، فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع له طعامًا، ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فقتله وارتد. وكان له قينة وصاحبتها تغنيان بهجاء رسول الله ﷺ، فأمر بقتلهما معه، وكان ممن يؤذي رسول الله ﷺ.
وقال يعقوب القمي: حدثنا جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى، قال: لما افتتح رسول الله ﷺ مكة، جاءت عجوز حبشية شمطاء تخمش وجهها وتدعو بالويل. فقيل: يا رسول الله، رأينا كذا وكذا. فقال:"تلك نائلة أيست أن تعبد ببلدكم هذا أبدا". كأنه منقطع.
وقال يونس بن بكير، عن زكريا، عن الشعبي، عن الحارث بن ملك؛ هو ابن برصاء؛ قال: سمعت رسول الله ﷺ يوم الفتح يقول: "لا تغزى مكة بعد اليوم أبدا إلى يوم القيامة".