وقال محمد بن فضيل: حدثنا الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة، بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى، فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها. ثم أتى النبي ﷺ فأخبره، فقال:"ارجع، فإنك لم تصنع شيئا". فرجع خالد، فلما نظرت إليه السدنة؛ وهم حجابها؛ أمعنوا في الجبل وهم يقولون: يا عزى خبليه، يا عزى عوريه، وإلا فموتي برغم. فأتاها خالد، فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها.
ثم رجع إلى النبي ﷺ فأخبره، فقال:"تلك العزى". أبو الطفيل له رؤية.
وقال ابن إسحاق: حدثني أبي، قال: حدثني بعض آل جبير بن مطعم أن رسول الله ﷺ لما دخل مكة، أمر بلالا فعلا على ظهر الكعبة، فأذن عليها، فقال بعض بني سعيد بن العاص: لقد أكرم الله سعيدا قبل أن يرى هذا الأسود على ظهر الكعبة.
وقال عروة: أمر رسول الله ﷺ بلالا يوم الفتح فأذن على الكعبة.
وقال الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن أبي هند: أن أبا مرة مولى عقيل حدثه، أن أم هانئ بنت أبي طالب حدثته؛ أنه لما كان عام الفتح فر إليها رجلان من بني مخزوم، فأجارتهما. قالت: فدخل علي علي، فقال: أقتلهما. فأتيت رسول الله ﷺ، وهو بأعلى مكة، فلما رآني رحب بي، فقال:"ما جاء بك يا أم هانئ"؟ قالت: يا نبي الله، كنت قد أمنت رجلين من أحمائي فأراد علي قلتهما. فقال:"قد أجرنا من أجرت". ثم قام إلى غسله، فسترت عليه فاطمة. ثم أخذ ثوبا فالتحف به ثم صلى ثمان ركعات؛ سبحة الضحى.
أخرجه مسلم.
وقال الليث، عن المقبري، عن أبي شريح العدوي، أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير، أحدث قولا قام به رسول الله ﷺ الغد من يوم الفتح؟ سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به؛ أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فيها، فقولوا له: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار. وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس. فليبلغ الشاهد الغائب". فقيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذاك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة. متفق عليه.