وروى المخلص عن أبيه: أن المعتضد بعث إلى إبراهيم الحربي بمال فرده عليه أوحش رد وقال: ردها إلى من أخذتها منه وهو محتاج إلى فلس وكان لا يغسل ثوبه إلا في كل أربعة أشهر مرة ولقد زلق مرة في الطين فلقد كنت أرى عليه أثر الطين في ثوبه إلى أن غسله.
قال عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي الحنبلي: أخبرنا أبو الحسين العتكي قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول لجماعة عنده: من تعدون الغريب في زمانكم فقال رجل: الغريب: من نأى عن وطنه وقال آخر: الغريب من فارق أحبابه فقال إبراهيم: الغريب في زماننا رجل صالح عاش بين قوم صالحين إن أمر بمعروف آزروه وإن نهى عن منكر أعانوه وإن احتاج إلى سبب من الدنيا مانوه ثم ماتوا وتركوه.
قال أحمد بن مروان الدينوري: أتينا إبراهيم الحربي وهو جالس على باب داره فسلمنا وجلسنا فجعل يقبل علينا فلما أكثرنا عليه حدثنا حديثين ثم قال لنا: مثل أصحاب الحديث مثل الصياد الذي يلقي شبكته في الماء فيجتهد فإن أخرج سمكة وإلا أخرج صخرة.
قال أحمد بن جعفر بن سلم: حدثنا شيخ لنا قال: قيل لإبراهيم الحربي: هل كسبت بالعلم شيئاً قال: كسبت به نصف فلس: كانت أمي تجري علي كل يوم رغيفين وقطيعة فيها نصف دانق فخرجت في يوم ذي طين وأجمع رأيي على أن آكل شيئاً حلواً فلم أر شيئاً أرخص من الدبس فأتيت بقالاً فدفعت إليه القطيعة فإذا فيها قيراط إلا نصف فلس وتذاكرنا حديث السخاء والكرم فقال البقال: يا أبا إسحاق أنت تكتب الأخبار والحديث حدثنا في السخاء بحديث قلت: نعم حدثني أبو بكر عبد الله بن الزبير حدثنا أبي عن شيخ له قال: خرج عبد الله ابن جعفر إلى ضياعه ينظر إليها فإذا في حائط لنسيب له عبد أسود بيده رغيف وهو يأكل لقمة ويطرح لكلب لقمة فلما رأى ذلك استحسنه فقال: يا أسود لمن أنت قال: لمصعب بن الزبير قال: وهذه الضيعة لمن قال: له قال: لقد رأيت منك عجباً تأكل لقمة وتطرح للكلب لقمة قال: إني لأستحيي من عين تنظر إلي أن أوثر نفسي عليها قال: فرجع إلى المدينة فاشترى الضيعة والعبد ثم رجع وإذا بالعبد فقال: يا أسود إني قد اشتريتك من مصعب فوثب قائماً وقال: جعلني الله عليك ميمون الطلعة قال: وإني اشتريت هذه الصنيعة فقال: أكمل الله لك خيرها قال: وإني أشهد أنك حر لوجه الله قال: أحسن الله جزاءك قال: وأشهد الله أن الضيعة مني هدية إليك