للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم، بظعنهم ونعمهم وشائهم، اجتمعوا إلى حنين. فتبسم رسول الله وقال: "تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله"، ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله. قال: فاركب فرسا له، رجاء إلى رسول الله فقال له: "استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن من قبلك الليلة".

فلما أصبحنا خرج رسول الله إلى مصلاة فركع ركعتين، ثم قال: "هل أحسستم فارسكم"؟ قالوا: يا رسول الله، لا. فثوب بالصلاة فجعل رسول الله يصلي ويلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى صلاته وسلم قال: "أبشروا، فقد جاء فارسكم". فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشعب، فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله ، فلما أصبحت اطلعت الشعبين، فنظرت فلم أر أحدا. فقال له رسول الله : "هل نزلت الليلة"؟ قال: لا، إلا مصليا أو قاضي حاجة. فقال له رسول الله : "قد أوجبت، فلا عليك أن لا تعمل بعدها". أخرجه أبو داود.

قال يونس، عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، قال: خرج مالك بن عوف بمن معه إلى حنين، فسبق رسول الله إليها، فأعدوا وتهيأوا في مضايق الوادي وأحنائه، وأقبل رسول الله وأصحابه، فانحط بهم في الوادي في عماية الصبح. فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل فشدت عليهم، وانكفأ الناس منهزمين لا يقبل أحد على أحد، وانحاز رسول الله ذات اليمين يقول: "أيها الناس، هلموا، إني أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله". فلا ينثني أحد، وركبت الإبل بعضها بعضا. فلما رأى رسول الله أمر الناس، ومعه رهط من أهل بيته ورهط من المهاجرين، والعباس آخذ بحكمة بغلته البيضاء، وثبت معه علي، وأبو سفيان، وربيعة؛ ابنا الحارث، والفضل بن عباس، وأيمن بن أم أيمن، وأسامة، ومن المهاجرين أبو بكر وعمر. قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء أمام هوازن، إذا أدرك الناس طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فيتبعوه. فلما انهزم من كان مع رسول الله من جفاة أهل مكة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحور. وإن الأزلام لمعه في كنانته.

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر، قال: سار أبو سفيان إلى حنين، وإنه ليظهر الإسلام، وإن الأزلام التي يستقسم بها في كنانته.

<<  <  ج: ص:  >  >>