للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العطش فلم أقدر على الماء، فوضعت رأسي على فخذ جاريتي مستسلمًا للموت، فإذا رجل قد جاءني ومعه كوز، فقال لي: هاه. فشربت وسقيتها، ثم مضى، فما أدري من أين جاء؟ ولا من أين راح؟

وفي "الطبقات" لأبي إسحاق: ولد محمد بن نصر ببغداد، ونشأ بنيسابور، واستوطن سمرقند.

روي عنه أنه، قال: لم يكن لي حسن رأي في الشافعي، فبينا أنا قاعد في مسجد النبي أغفيت، فرأيت النبي "في المنام، فقلت: يا رسول الله! أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان وقال: "تقول رأي؟ ليس هو بالرأي، هو رد على من خالف سنتي". فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي.

قال أبو إسحاق: وصنف ابن نصر كتبًا، ضمنها الآثار والفقه، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، وصنف كتابًا فيما خالف أبو حنيفة عليًا وابن مسعود. قال أبو بكر الصيرفي: لو لم يصنف إلَّا كتاب: "القسامة" لكان من أفقه الناس، كيف وقد صنف سواه?!

قال الوزير أبو الفضل محمد بن عبيد الله البلعمي: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد يقول: كنت بسمرقند، فجلست يومًا للمظالم، وجلس أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر، فقمت له إجلالًا للعلم، فلما خرج عاتبني أخي وقال: أنت والي خراسان تقوم لرجل من الرعية؟ هذا ذهاب السياسة. قال: فبت تلك الليلة وأنا متقسم القلب، فرأيت النبي في المنام كأني واقف مع أخي إسحاق إذ أقبل النبي فأخذ بعضدي، فقال لي: ثبت ملكك وملك بنيك بإجلالك محمد بن نصر. ثم التفت إلى إسحاق، فقال: ذهب ملك إسحاق، وملك بنيه باستخفافه بمحمد بن نصر.

قلت: كان محمد بن نصر زوج أخت يحيى بن أكثم القاضي، واسمها خنة بمعجمة ثم نون، مات بعد أيام قلائل من موت صالح بن محمد بن جزرة، وذلك في المحرم، سنة أربع وتسعين ومائتين.

قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة في مسألة الإيمان: صرح محمد بن نصر في كتاب "الإيمان" بأن الإيمان مخلوق، وأن الإقرار، والشهادة، وقراءة القرآن بلفظه مخلوق. ثم قال: وهجره على ذلك علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان والعراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>