ومن كلامه: سرورك بالدنيا أذهب سرورك بالله عن قلبك.
قال ابن نجيد: سمعته يقول: لا تثقن بمودة من لا يحبك إلَّا معصومًا.
قال أبو عمرو بن حمدان: سمعته يقول: من أمر السنة على نفسه قولًا وفعلًا، نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه، نطق بالبدعة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور: ٥٤].
وعن أبي عثمان الحيري، قال: لا يكمل الرجل حتى يستوي قلبه في المنع والعطاء، وفي العز والذل.
وعن أبي عثمان أنه قال لأبي جعفر بن حمدان: ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟ قال: بلى. قال: فرسول الله ﷺ سيد الصالحين.
قال الحاكم: أخبرني سعيد بن عثمان السمرقندي العابد، سمع أبا عثمان يقول -يعني: عن الله: من طلب جواري ولم يوطن نفسه على ثلاث، أولها: إلقاء العز وحمل الذل، الثاني: سكون قلبه على جوع ثلاثة أيام، الثالث: لا يغتم ولا يهتم إلَّا لدينه أو طلب إصلاح دينه.
الحاكم: سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: لما قتل يحيى بن الذهلي، منع الناس من حضور مجالس الحديث من جهة أحمد الخجستاني، فلم يجسر أحد يحمل محبرة، إلى أن ورد السري بن خزيمة، فقام الزاهد أبو عثمان الحيري، وجمع المحدثين في مسجده، وعلق بيده محبرة، وتقدمهم، إلى أن جاء إلى خان محمش، فأخرج السري، وأجلس المستملي، فحزرنا مجلسه زيادة على ألف محبرة، فلما فرغ، قاموا، وقبلوا رأس أبي عثمان، ونثر الناس عليهم الدراهم والسكر سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
قلت: ذكر الحاكم أخبار أبي عثمان أبي عثمان في خمس وعشرين ورقة، وفي غضون ذلك من كلامه في التوكل واليقين والرضى، قال الحاكم: وسمعت أبي يقول: لما قتل أحمد بن عبد الله الخجستاني -الذي استولى على البلاد- الإمام حيكان بن الذهلي، أخذ في الظلم والعسف، وأمر بحربة ركزت على رأس المربعة، وجمع الأعيان، وحلف: إن لم يصبوا الدراهم حتى يغيب رأس الحربة، فقد أحلوا دماءهم. فكانوا يقتسمون الغرامة بينهم، فخص