للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعنه: من خالفت إشارته معاملته، فهو مدع كذاب.

وعنه: سألت الله أن لا يعذبني بكلامي؟ وربما وقع في نفسي: أن زعيم القوم أرذلهم.

وعنه: أعطي أهل بغداد الشطح والعبارة، وأهل خراسان القلب والسخاء، وأهل البصرة الزهد والقناعة، وأهل الشام الحلم والسلامة، وأهل الحجاز الصبر والإنابة.

وقيل لبعض المتكلمين -ويقال: هو ابن كلاب، ولم يصح: قد ذكرت الطوائف، وعارضتهم، ولم تذكر الصوفية. فقال: لم أعرف لهم علمًا ولا قولًا، ولا ما راموه. قيل: بل هم السادة. وذكروا له الجنيد، ثم أتوا الجنيد، فسألوه عن التصوف، فقال: هو إفراد القديم عن الحدث، والخروج عن الوطن، وقطع المحاب، وترك ما علم أو جهل، وأن يكون المرء زاهدًا فيما عند الله، راغبًا فيما لله عنده، فإذا كان كذلك، حظاه إلى كشف العلوم، والعبارة عن الوجوه، وعلم السرائر، وفقه الأرواح. فقال المتكلم: هذا -والله- علم حسن، فلو أعدته حتى نكتبه. قال: كلا، مر إلى المكان الذي منه بدأ النسيان … ، وذكر فصلًا طويلًا. فقال المتكلم: إن كان رجل يهدم ما يثبت بالعقل بكلمة من كلامه، فهذا، فإن كلامه لا يحتمل المعارضة.

قال أبو محمد الجريري: سمعت الجنيد يقول: ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، بل عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات.

قلت: هذا حسن، ومراده: قطع أكثر المألوفات، وترك فضول الدنيا، وجوع بلا إفراط.

أما من بالغ في الجوع -كما يفعله الرهبان- ورفض سائر الدنيا ومألوفات النفس من الغذاء والنوم والأهل، فقد عرض نفسه لبلاء عريض، وربما خولط في عقله، وفاته بذلك كثير من الحنيفية السمحة، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا. والسعادة في متابعة السنن، فزن الأمور بالعدل، وصم وأفطر، ونم وقم، والزم الورع في القوت، وارض بما قسم الله لك، واصمت إلَّا من خير، فرحمة الله على الجنيد، وأين مثل الجنيد في علمه وحاله؟

قال ابن نجيد: ثلاثة لا رابع لهم: الجنيد ببغداد، وأبو عثمان بنيسابور، وأبو عبد الله بن الجلاء بالشام.

وقد كان الجنيد يأنس بصديقه الأستاذ أبي الحسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>