للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جلست إليه فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، الأمان يا رسول الله. قال: "ومن أنت"؟ قلت: أنا كعب بن زهير. قال: "الذي يقول": ثم التفت إلى أبي بكر، فقال: "كيف يا أبا بكر". فأنشده:

سقاك أبو بكر بكأس روية … وأنهلك المأمور منها وعلكا

قلت: يا رسول الله، ما قلت هكذا. قال: "فكيف قلت"؟. قلت: إنما قلت:

وأنهلك المأمون منها وعلكا

فقال: "مأمون، والله".

قال: ثم أنشده:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول (١) … متيم إثرها لم يلف مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا … إلا أغن غضيض الطرف مكحول

تجلوا عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت … كأنه منهل بالراح معلول

شجت بذي شبم من ماء محنية … صاف بأبطح أضحى وهو مشمول (٢)

تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه … من صوب سارية بيض يعاليل (٣)

أكرم بها خلة لو أنها صدقت … موعودها، أو لو أن النصح مقبول

لكنها خلة قد سيط من دمها … فجع وولع وإخلاف وتبديل (٤)

فما تدوم على حال تكون بها … كما تلون في أثوابها الغول (٥)


(١) متبول: أي مصاب بتبل، وهو الذحل والعداوة. قلب متبول إذا غلبه الحب وهيمه. وتبله الحب يتبله وأتبله: أسقمه وأفسده، وقيل: تبله تبلا ذهب بعقله.
(٢) شجت: مزجت وخلطت. وذي شبم: ماء بارد. ومشمول: ريح الشمال وقد ضربته فبرد ماؤه وصفا.
(٣) اليعاليل: سحائب بعضها فوق بعض، الواحد يعلول. ويقال: اليعاليل نفاخات تكون فوق الماء من وقع المطر، والياء زائدة، واليعلول: المطر بعد المطر.
(٤) سيط: خلط. الفجع: الرزية والمصيبة المؤلمة. والولع: بالتسكين الكذب.
(٥) الغول: الداهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>