للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا بكتاب لطيف، فقال لأبي جعفر: اعرض الكتاب على الشيخ. فإذا حديث غدير خم (١). قلت: وهو صحيح، وقد رويناه.

فقال عبيد الله: فما للناس لا يكونون عبيدنا؟ قلت: أعز الله السيد، لم يرد ولاية الرق، بل ولاية الدين. قال: هل من شاهد؟ قلت قال الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّه﴾ [آل عمران: ٧٩]، فما لم يكن لنبي الله لم يكن لغيره. قال: انصرف لا ينالك الحر. فتبعني البغدادي، فقال: اكتم هذا المجلس.

وقال موسى بن عبد الرحمن القطان: لو سمعتم سعيد بن الحداد في تلك المحافل -يعني: مناظرته للشيعي- وقد اجتمع له جهارة الصوت، وفخامة المنطق، وفصاحة اللسان، وصواب المعاني، لتمنيتم أن لا يسكت.

وقيل: إن ابن الحداد تحول شافعيًا من غير تقليد، ولا يعتقد مسألة إلَّا بحجة. وكان حسن البزة، لكنه كان يتقوت باليسير، ولم يحج، وكان كثير الرد على الكوفيين.

وقيل: إنه سار لتلقي أبي عبد الله الشيعي، فقال له: يا شيخ! بم كنت تقضي؟ فقال إبراهيم بن يونس: بالكتاب والسنة. قال: فما السنة؟ قال: السنة السنة. قال ابن الحداد: فقلت للشيعي: المجلس مشترك أم خاص؟ قال: مشترك. فقلت: أصل السنة في كلام العرب المثال، قال الشاعر:

تريك سنة وجه غير مقرفة … ملساء ليس بها خال ولا ندب

أي صورة وجه ومثاله. والسنة محصورة في ثلاث: الائتمار بما أمر به النبي ﷺ والانتهاء عما نهى عنه، والائتساء بما فعل. فقال الشيعي: فإن اختلف عليك النقل، وجاءت السنة من طرق؟ قلت: أنظر إلى أصح الخبرين، كشهود عدول اختلفوا في شهادة. قال: فلو استووا في الثبات؟ قلت: يكون أحدهما ناسخًا للآخر. قال: فمن أين قلتم بالقياس؟ قلت من كتاب الله: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُم﴾ [المائدة: ٩٥]، فالصيد معلومة عينه، فالجزاء أمرنا أن نمثله بشيء من النعم، ومثله في تثبيت القياس: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَه﴾ [النساء: ٨٣]، والاستنباط غير منصوص. ثم عطف على موسى القطان فقال: أين وجدتم


(١) وهو حديث: "من كنت مولاه فعلى مولاه"، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "٢/ ٣٧٢" بإسناده عن زيد بن أرقم، به. وقد سبق تخريجنا له في ترجمة علي بن أبي طالب ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>