للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الفرغاني: وكتب إلي المراغي يذكر أن المكتفي قال للوزير: أريد أن أقف وقفًا، فذكر القصة وزاد: فرد الألف على الوزير ولم يقبلها، فقيل له: تصدق بها، فلم يفعل، وقال: أنتم أولى بأموالكم وأعرف بمن تصدقون عليه.

قال الخطيب: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي: أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.

قال الخطيب: وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني الفقيه أنه، قال: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرًا.

قال الحاكم: سمعت حسينك بن علي يقول: أول ما سألني ابن خزيمة فقال لي: كتبت عن محمد بن جرير الطبري؟ قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: لأنه كان لا يظهر، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه، قال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنهم وسمعت من أبي جعفر.

قال الحاكم: وسمعت أبا بكر بن بالويه يقول: قال لي: أبو بكر بن خزيمة: بلغني أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير؟ قلت: بلى، كتبته عنه إملاء، قال: كله؟ قلت: نعم، قال: في أي سنة؟ قلت: من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ومائتين، قال: فاستعاره مني أبو بكر، ثم رده بعد سنين، ثم قال: لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.

قال أبو محمد الفرغاني: تم من كتب محمد بن جرير كتاب "التفسير" الذي لو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب، كل كتاب منها يحتوي على علم مفرد مستقصى لفعل. وتم من كتبه كتاب "التاريخ" إلى عصره، وتم أيضًا كتاب "تاريخ الرجال" من الصحابة والتابعين، وإلى شيوخه الذين لقيهم، وتم له كتاب "لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام" وهو مذهبه الذي اختاره، وجوده، واحتج له، وهو ثلاثة وثمانون كتابًا، وتم له كتاب "القراءات والتنزيل والعدد"، وتم له كتاب "اختلاف علماء الأمصار"، وتم له كتاب "الخفيف في أحكام شرائع الإسلام" وهو مختصر لطيف، وتم له كتاب "التبصير" وهو رسالة إلى أهل طبرستان، يشرح فيها ما تقلده من أصول الدين، وابتدأ بتصنيف كتاب "تهذيب الآثار" وهو من عجائب كتبه، ابتداء بما أسنده الصديق مما صح عنده سنده، وتكلم على كل حديث منه بعلله وطرقه، ثم فقهه، واختلاف العلماء وحججهم، وما فيه من المعاني والغريب، والرد على الملحدين، فتم منه مسند العشرة وأهل البيت والموالي، وبعض "مسند ابن عباس"، فمات قبل تمامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>