للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن أبي محمد المرتعش، قال: من رأيته يدعي حالًا مع الله باطنة، لا يدل عليها، أو يشهد لها حفظ ظاهر، فاتهمه على دينه.

قيل: إن الحلاج كتب مرة إلى أبي العباس بن عطاء:

كتبت ولم أكتب إليك وإنما … كتبت إلى روحي بغير كتاب

وذاك لأن الروح لا فرق بينها … وبين محبيها بفصل خطاب

فكل كتاب صادر منك وارد … إليك بلا رد الجواب جوابي

وقد ذكر الحلاج أبو سعيد النقاش في "طبقات الصوفية" له، فقال: منهم من نسبه إلى الزندقة، ومنهم من نسبه إلى السحر والشعوذة.

وقفت على تأليف أبي عبد الله بن باكويه الشيرازي في حال الحلاج فقال: حدثني حمد بن الحلاج: أن نصرًا القشوري لما اعتقل أبي، استأذن المقتدر أن يبني له بيتًا في الحبس، فبنى له دارًا صغيرة بجنب الحبس، وسدوا باب الدار، وعملوا حواليه سورًا، وفتحوا بابه إلى الحبس، وكان الناس يدخلون عليه سنة، ثم منعوا، فبقي خمسة أشهر لا يدخل عليه أحد إلَّا مرة رأيت أبا العباس بن عطاء دخل عليه بالحيلة، ورأيت مرة أبا عبد الله بن خفيف وأنا برا عند والدي، ثم حبسوني معه شهرين، ولي يومئذ ثمانية عشر عامًا، فلما كانت الليلة التي أخرج من صبيحتها، قام، فصلى ركعات، ثم لم يزل يقول: مكر مكر، إلى أن مضى أكثر الليل. ثم سكت طويلًا، ثم قال: حق حق، ثم قام قائمًا وتغطى بإزار، واتزر بمئزر، ومد يديه نحو القبلة، وأخذ في المناجاة يقول: نحن شواهدك نلوذ بسنا عزتك، لتبدي ما شئت من مشيئتك، أنت الذي في السماء إله وفي الأرض إله، يا مدهر الدهور، ومصور الصور، يا من ذلت له الجواهر، وسجدت له الأعراض، وانعقدت بأمره الأجسام، وتصورت عنده الأحكام، يا من تجلى لما شاء، كما شاء، كيف شاء، مثل التجلي في المشيئة لأحسن الصورة. وفي نسخة: مثل تجليك في مشيئتك كأحسن الصورة. والصورة هي الروح الناطقة التي أفردته بالعلم والبيان والقدرة. ثم أوعزت إلي شاهدك لأني في ذاتك الهوي لما أردت بدايتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدًا في معارجي إلى عروش أوليائي عند القول من برياتي. إني أحتضر وأقتل وأصلب وأحرق، وأحمل على السافيات الذاريات، وإن الذرة من ينجوج مظان هيكل متجلياتي لأعظم من الراسيات. ثم أنشأ يقول:

أنعى إليك نفوسًا طاح شاهدها … فيما ورا الغيب أو في شاهد القدم

<<  <  ج: ص:  >  >>