قال الصولي: تقلد أعمالًا جليلة من طساسيج السواد، ثم ضمن خراج البصرة وكور دجلة، مع إشراف كسكر مدة في دولة ابن الفرات، فكان يعمر ويحسن إلى الأكارين، ويرفع المؤن حتى صار لهم كالأب، وكثرت صدقاته، ثم وزر وقد شاخ.
قلت: وكان قبل على نظر فارس، وكان كثير الأموال والحشم، بحيث صار له أربع مائة مملوك في السلاح، تأمر منهم جماعة، فعزل المقتدر بن الفرات بحامد في سنة ست وثلاث مائة، فقدم في أبهة عظيمة، ودبر الأمور، فظهر منه نقص في قوانين الوزارة وحدة، فضموا إليه علي بن عيسى الوزير، فمشى الحال. ولحامد أثر صالح في إهلاك حسين الحلاج يدل على إسلام وخير.
يقال: مولده في سنة ثلاث وعشرين، وسمع من عثمان بن أبي شيبة، وما حدث.
وفي سنة ثمان ضمن حامد سائر السواد، وعسف، وغلت الأسعار، فثارت الغوغاء، وهموا به، فشد عليهم مماليكه، فثبتوا لهم، وعظم الخطب، وقتل جماعة، فاستضرت الغوغاء، وأحرقوا الجسر، ورجموا حامدًا في الطيار.
وكان مع جبروته جوادًا معطاءًا.
قال هاشمي: كان من أوسع من رأيناه نفسًا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، ينصب في داره عدة موائد، ويطعم حتى العامة والخدم، يكون نحو أربعين مائدة. رأى في دهليزه قشر باقلى، فقال لوكيله: ما هذا؟ قال: فعل البوابين. فسئلوا، فقالوا: لنا جراية ولحم نؤديه إلى بيوتنا؟ فرتب لهم، ثم رأى بعد قشورًا، فشاط، وكان يسفه، ثم رتب لهم مائدة، وقال: لئن رأيت بعدها قشرًا، لأضربنك بالمقارع.
وقيل: وجد في مرحاض له أكياس فيها أربع مائة ألف دينار. كان يدخل للحاجة في كمه كيس فيلقيه، فأخذوا في نكبته. ولما عزل حامد وابن عيسى وأعيد ابن الفرات، عذب حامدًا.
قال المسعودي: كان في حامد طيش، كلمه إنسان، فقلب حامد ثيابه على كتفه، وصاح: ويلكم! علي به. قال: ودخلت عليه أم موسى القهرمانة، وكانت عظيمة المحل، فخاطبته في طلب المال، فقال: