للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن أبي العباس السراج: أنه أشار إلى كتب له، فقال: هذه سبعون ألف مسألة لمالك، ما نفضت عنها الغبار مذ كتبتها.

قال أبو الوليد حسان بن محمد: دخل أبو العباس السراج على أبي عمرو الخفاف، فقال له: يا أبا العباس! من أين جمعت هذا المال؟ قال: بغيبة دهر أنا وأخواي إبراهيم وإسماعيل، غاب أخي إبراهيم أربعين سنة، وغاب أخي إسماعيل أربعين سنة، وغبت أنا مقيمًا ببغداد أربعين سنة، أكلنا الجشب (١)، ولبسنا الخشن، فاجتمع هذا المال، لكن أنت يا أبا عمرو! من أين جمعت هذا المال؟ -وكان لأبي عمرو مال عظيم- ثم قال: متمثلًا:

أتذكر إذ لحافك جلد شاة … وإذ نعلاك من جلد البعير

فسبحان الذي أعطاك ملكًا … وعلمك الجلوس على السرير

قال أبو العباس بن حمدان شيخ خوارزم: سمعت السراج يقول: رأيت في المنام كأني أرقى في سلم طويل، فصعدت تسعًا وتسعين درجة، فكل من أقصها عليه يقول: تعيش تسعًا وتسعين سنة. قال: ابن حمدان: فكان كذلك.

قلت: بل بلغ سبعًا، أو خمسًا وتسعين سنة، فقد قال: أبو إسحاق المزكي عنه: ولدت سنة ثماني عشرة ومائتين، وختمت عن رسول الله اثني عشر ألف ختمة، وضحيت عنه اثني عشر ألف أضحية.

قلت: دليله حديث شريك، عن أبي الحسناء، عن الحكم، عن حنش، قال: رأيت عليًا يضحي بكبشين، فقلت له: ما هذا؟ قال: أوصاني رسول الله أن أضحي عنه. زاد الترمذي: واحد عن النبي وواحد عن نفسه.

أخبرنا المسلم بن علان، والمؤمل بن محمد كتابة، قالا: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا رضوان بن محمد بالدينور، أخبرنا حمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا أبو العباس بن أحمد الأردستاني، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي: سمعت أحمد بن سعيد الدارمي يقول: عادني محمد بن كثير الصنعاني، فقال: أقالك الله عثرتك، ورفع جنتك، وفرغك لعبادة ربك.

بلغنا أنه قيل لأبي العباس السراج، وهو يكتب في كهولته عن يحيى بن أبي طالب: إلى كم هذا؟ فقال: أما علمت أن صاحب الحديث لا يصبر؟!


(١) الجشب: هو الغليظ الخشن، وقيل غير المأدوم. وكل بشع الطعم جشب.

<<  <  ج: ص:  >  >>