قال: أي سنة دخل بغداد؟ قلت: سنة أربع وثلاثين ومائتين -أظن. فاهتز لذاك، وقال: أمرت أن يثبت لي أسماء مشايخي الذين لا يحدث عنهم غيري اليوم، فبلغوا سبعة وثمانين شيخًا. قال الحاكم: وكان إذ ذاك ببغداد الباغندي، وأبو الليث الفرائضي، والحسين بن محمد بن عفير، وعلي بن المبارك المسروري، وغيرهم.
قلت: عاش البغوي بعد قوله ستة أعوام، وتفرد عن خلق سوى من ذكر.
وقيل: إنه لم يرو عن يحيى بن معين غير قوله: لما خرج من عند يحيى بن عبد الحميد، فقلنا: ما تقول في الرجل؟ فقال: الثقة وابن الثقة.
قال أحمد بن عبدان الحافظ: سمعت أبا القاسم البغوي يقول: كنت يومًا ضيق الصدر، فخرجت إلى الشط، وقعدت وفي يدي جزء عن يحيى بن معين أنظر فيه، فإذا بموسى بن هارون، فقال لي: أيش معك؟ قلت: جزء عن ابن معين. فأخذه من يدي، فرماه في دجلة، وقال: تريد أن تجمع بين أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني.
قلت: بئس ما صنع موسى! عفا الله عنه.
وروينا عن البغوي، قال: حضرت مع عمي مجلس عاصم بن علي.
أخبرنا أبو الغنائم القيسي، ومؤمل بن محمد، ويوسف الشيباني إجازة، قالوا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، قال: حدثنا علي بن أبي علي المعدل، حدثنا علي بن الحسن بن جعفر البزاز، حدثني البغوي، قال: كنت أورق، فسألت جدي أحمد بن منيع أن يمضي معي إلى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، يسأله أن يعطيني الجزء الأول من المغازي، عن أبيه، حتى أورقه عليه، فجاء معي، وسأله، فأعطاني، فأخذته، وطفت به، فأول ما بدأت بأبي عبد الله بن مغلس، أريته الكتاب، وأعلمته أني أريد أن أقرأ المغازي على الأموي، فدفع إلي عشرين دينارًا، وقال: اكتب لي منه نسخة. ثم طفت بعده بقية يومي، فلم أزل آخذ من عشرين دينارًا وإلى عشرة دنانير وأكثر وأقل، إلى أن حصل معي في ذلك اليوم مائتا دينار، فكتبت نسخًا لأصحابها بشيء يسير، وقرأتها لهم، واستفضلت الباقي.
وبه: إلى الحافظ أبي بكر: حدثني أبو الوليد الدربندي: سمعت عبدان بن أحمد الخطيب -سبط أحمد بن عبدان الشيرازي- سمعت جدي يقول: اجتاز أبو القاسم البغوي بنهر طابق على باب مسجد، فسمع صوت مستمل، فقال: من هذا؟ فقالوا: ابن صاعد. قال: ذاك الصبي؟ قالوا: نعم. قال: والله لا أبرح حتى أملي هاهنا. فصعد دكة، وجلس،