ورآه أصحاب الحديث، فقاموا، وتركوا ابن صاعد. ثم قال: حدثنا أحمد بن حنبل قبل أن يولد المحدثون، وحدثنا طالوت قبل أن يولد المحدثون، وحدثنا أبو نصر التمار. فأملى ستة عشر حديثًا عن ستة عشر شيخا، ما بقي من يروي عنهم سواه.
وبه: أخبرنا أحمد بن أحمد بن محمد القصري، سمعت أبا زيد الحسين بن الحسين بن عامر الكوفي يقول: قدم البغوي إلى الكوفة، فاجتمعنا مع ابن عقدة إليه لنسمع منه، فسألنا عنه، فقالت الجارية: قد أكل سمكًا، وشرب فقاعًا، ونام، فعجب ابن عقدة من ذلك لكبر سنه، ثم أذن لنا، فدخلنا. فقال: يا أبا العباس! حدثتني أختي أنها كانت نازلة في بني حمان، وكان في الموضع طحان، فكان يقول لغلامه: اصمد أبا بكر. فيصمد البغل إلى أن يذهب بعض الليل، ثم يقول: اصمد عمر. فيصمد الآخر. فقال له ابن عقدة: يا أبا القاسم، لا تحملك عصبيتك لأحمد بن حنبل أن تقول في أهل الكوفة ما ليس فيهم، ما روى:"خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر وعمر"(١) عن علي إلَّا أهل الكوفة، ولكن أهل المدينة رووا: أن عليًا لم يبايع أبا بكر إلَّا بعد ستة أشهر. فقال له أبو القاسم: يا أبا العباس! لا تحملك عصبيتك لأهل الكوفة على أن تتقول على أهل المدينة. ثم بعد ذلك أخرج الكتب، وانبسط، وحدثنا.
وبه: حدثني علي بن محمد: سمعت حمزة بن يوسف، سمعت أبا الحسين يعقوب الأردبيلي يقول: سألت أحمد بن طاهر، قلت: أيش كان موسى بن هارون يقول في ابن بنت منيع؟ فقال: أيش كان يقول ابن بنت منيع في موسى بن هارون؟ قلت: كيف هذا؟ قال: لأنه كان يرضى منه رأسًا برأس.
قال الخطيب: المحفوظ عن موسى توثيق البغوي، وثناؤه عليه، ومدحه له. قال: عمر بن الحسن الأشناني: سألت موسى بن هارون عن البغوي، فقال: ثقة، صدوق، لو جاز لإنسان أن يقال له: فوق الثقة، لقيل له. قلت: يا أبا عمران! إن هؤلاء يتكلمون فيه؟ فقال: يحسدونه، سمع من ابن عائشة ولم نسمع، ابن منيع لا يقول إلَّا الحق.
وبه: إلى أبي بكر: حدثني العلاء بن أبي المغيرة الأندلسي، أخبرنا علي بن بقاء، أخبرنا عبد الغني بن سعيد، قال: سألت أبا بكر محمد بن علي النقاش: تحفظ شيئًا مما أخذ على ابن بنت منيع؟ فقال: غلط في حديث عن محمد بن عبد الواهب، عن أبي شهاب، عن أبي إسحاق الشيباني، عن نافع، عن ابن عمر. حدث به عن ابن عبد الواهب، وإنما سمعه من إبراهيم بن هانئ، عنه، فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه، ودار على أصحاب الحديث، فبلغ