ذلك أبا القاسم، فخرج إلينا يومًا، فعرفنا أنه غلط فيه، وأنه أراد أن يكتب: حدثنا إبراهيم بن هانئ، فمرت يده.
قلت: هذه الحكاية تدل على تثبت أبي القاسم وورعه، وإلا فلو كاشر -ورواه عن محمد بن عبد الواهب- شيخه على سبيل التدليس من كان يمنعه؟!
ثم قال النقاش: ورأيت فيه الانكسار والغم، وكان ثقة.
قلت: متن الحديث: "نهى رسول الله ﷺ أن يتناجى اثنان دون الثالث إذا كانوا جميعًا" (١).
ورواه أبو العباس السراج، أخبرنا إبراهيم بن هانئ. فذكره.
وقال الأردبيلي: سئل ابن أبي حاتم عن أبي القاسم البغوي: أيدخل في الصحيح؟ قال: نعم.
وقال حمزة السهمي: سألت أبا بكر بن عبدان عن البغوي، فقال: لا شك أنه يدخل في الصحيح.
وبه، قال أبو بكر: حدثنا حمزة بن محمد الدقاق: سمعت الدارقطني يقول: كان أبو القاسم بن منيع قل ما يتكلم على الحديث، فإذا تكلم، كان كلامه كالمسمار في الساج.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن البغوي، فقال: ثقة، جبل، إمام، من الأئمة، ثبت، أقل المشايخ خطأ، وكلامه في الحديث أحسن من كلام ابن صاعد.
ابن الطيوري: سمعت ابن المذهب، سمعت ابن شاهين، سمعت البغوي، وقال له مستمليه: أرجو أن أستملي عليك سنة عشرين وثلاث مائة قال: قد ضيقت علي عمري أنا رأيت رجلًا في الحرم له مائة وست وثلاثون سنة يقول: رأيت الحسن وابن سيرين، أو كما قال.
قلت: كان يسر البغوي أو لو قال له مستمليه: أرجو أن أستملي عليك سنة خمسين وثلاث مائة.
قال أبو أحمد بن عدي في "الكامل" له: كان أبو القاسم صاحب حديث، وكان وراقًا من ابتداء أمره، يورق على جده وعمه وغيرهما، وكان يبيع أصل نفسه كل وقت. ووافيت
(١) صحيح: أخرجه البخاري "٦٢٨٨"، ومسلم "٢١٨٣"، وأبو داود "٤٨٥٢".