للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العراق سنة سبع وتسعين ومائتين، وأهل العلم والمشايخ منهم مجتمعون على ضعفه، وكانوا زاهدين في حضور مجلسه، وما رأيت في مجلسه قط -في ذلك الوقت- إلَّا دون العشرة غرباء، بعد أن يسأل بنوه الغرباء مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم، فيقرأ عليهم لفظًا. قال: وكان مجانهم يقولون: في دار ابن منيع سحرة تحمل داود بن عمر الضبي من كثرة ما يروي عنه، وما علمت أحدًا حدث عن علي بن الجعد أكثر مما حدث هو. قال: وسمعه قاسم المطرز يقول: حدثنا عبيد الله العيشي، فقال: في حر أم من يكذب. وتكلم فيه قوم، ونسبوه إلى الكذب عند عبد الحميد الوراق، فقال: هو أنعش من أن يكذب -يعني: ما يحسن- قال: وكان بذيء اللسان، يتكلم في الثقات، سمعته يقول يوم مات محمد بن يحيى المروزي: أنا قد ذهب بي عمي إلى أبي عبيد، وعاصم بن علي، وسمعت منهما. قال: ولما مات أصحابه، احتمله الناس، واجتمعوا عليه، ونفق عندهم، ومع نفاقه وإسناده كان مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه.

قلت: قد أسرف ابن عدي، وبالغ، ولم يقدر أن يخرج حديثًا غلط فيه، سوى حديثين، وهذا مما يقضي له بالحفظ والإتقان؛ لأنه روى أزيد من مائة ألف حديث لم يهم في شيء منها، ثم عطف وأنصف، وقال: وأبو القاسم كان معه طرف من معرفة الحديث، ومن معرفة التصانيف، وطال عمره، واحتاجوا إليه، وقبله الناس، ولولا أني شرطت أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته -يعني: في "الكامل"- وإلا كنت لا أذكره.

قال أبو يعلى الخليلي: أبو القاسم البغوي من العلماء المعمرين، سمع داود بن رشيد، والحكم بن موسى، وطالوت بن عباد، وابني أبي شيبة. إلى أن قال: وعنده مائة شيخ لم يشاركه أحد فيهم، في آخر عمره لم ينزل إلى الشيوخ. قال: وهو حافظ، عارف، صنف مسند عمه؛ علي بن عبد العزيز، وقد حسدوه في آخر عمره، فتكلموا فيه بشيء لا يقدح فيه، وقد سمعت عبد الرحمن بن محمد يقول: سمعت أبا أحمد الحاكم، سمعت البغوي يقول: ورقت لألف شيخ.

قال أحمد بن علي السليماني، الحافظ: البغوي يتهم بسرقه الحديث.

قلت: هذا القول مردود، وما يتهم أبو القاسم أحد يدري ما يقول، بل هو ثقة مطلقًا.

قال إسماعيل بن علي الخطبي: مات أبو القاسم البغوي الوراق ليلة الفطر، من سنة سبع عشرة وثلاث مائة، ودفن يوم الفطر، وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرًا واحدًا.

قال الخطيب: ودفن في مقبرة باب التبن، ﵀.

<<  <  ج: ص:  >  >>