للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي سنة ٣٥٣: قصد معز الدولة الموصل ففر عنها ناصر الدولة، ثم التقوا فانتصر ناصر الدولة، وأسر الترك، واستأمن إليه الديلم، وأخذ ثقل معز الدولة وخزائنه، ثم صالحه، وكان يقام مأتم عاشوراء ببغداد، ويقع فتن كبار لذلك. ثم مات الوزير المهلبي سنة ٣٥١، ومات معز الدولة، فقام ابنه عز الدولة بختيار سنة ست وخمسين، فجرت فتنة محمد بن الخليفة المستكفي فإنه لما كحل أبوه فر هو إلى مصر، وأقام عند كافور، ثم قويت نفسه، وقدم بغداد سرا، فعرف عز الدولة، وبايعه في الباطن كبراء، فظفر به عز الدولة فقطع أنفه وأذنيه، وسجنه ثم هرب هو وأخوه علي من الدار يوم عيد، وصار إلى ما وراء النهر، وخمل أمره.

وفي سنة ستين: فلج المطيع، وبطل نصفه، وتملك بنو عبيد مصر والشام، وأذنوا بدمشق "بحي على خير العمل"، وغلت البلاد بالرفض شرقًا وغربًا، وخفيت السنة قليلًا، واستباحت الروم نصيبين وغيرهما، فلا قوة إلَّا بالله، وقتل ببغداد راجل من أعوان الشحنة، فبعث رئيس بغداد من طرح النار في أسواق فاحترقت بغداد حريقًا مهولًا. واحترق النساء والأولاد، فعدة ما احترق ثلاث مائة وعشرون دارا، وثلاث مائة وسبعة عشر دكانا، وثلاثة وثلاثون مسجدا. وكثر الدعاء على الرئيس، وهو أبو الفضل الشيرازي، ثم سقي، وهلك، وأنشئت مدينة القاهرة للمعز العبيدي. ووزر ببغداد أبو طاهر بن بقية، فكان راتبه من الثلج في اليوم ألف رطل، ومن الشمع في الشهر ألف من، فوزر لعز الدولة أربع سنين، ثم صلبه عضد الدولة. ولما تحكم الفالج في المطيع دعاه سبكتكين الحاجب إلى عزل نفسه، وتسليم الخلافة إلى ابنه الطايع ففعل ذلك في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وستين. وأثبتوا خلعه على أبي الحسن ابن أم شيبان القاضي. ثم كان بعد يدعى الشيخ الفاضل.

وفيها أقيمت الدعوة العبيدية بالحرمين للمعز. واستفحل البلاء باللصوص ببغداد، وركبوا الخيل، وأخذوا الخفارة، وتلقبوا بالقواد. ثم إن المطيع خرج وولده الخليفة الطايع لله إلى واسط فمات هناك في المحرم سنة أربع وستين وثلاث مائة بعد ثلاثة أشهر من عزله. وعمره ثلاث وستون سنة فكانت خلافته ثلاثين سنة سوى أشهر. وفي أيامه تلقب صاحب الأندلس الناصر المروني بأمير المؤمنين. وقال: أنا أحق بهذا اللقب من خليفة من تحت يد بني بويه. وصدق الناصر، فإنه كان بطلا شجاعًا سائسًا مهيبا، له غزوات مشهودة، وكان خليقا للخلافة، ولكن كان أعظم منه بكثير المعز العبيدي الإسماعيلي النحلة، وأوسع ممالك، حكم على الحرمين ومصر والشام والمغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>