وتزوج الطائع ببنت عضد الدولة، ورد العضد من همذان إلى بغداد، فتلقاه الخليفة، ولم تجر بذلك عادة، ولكن بعث يطلب ذلك. فما وسع الطائع التأخر، كان مفرط السطوة.
وبعث إليه العزيز كتابًا أوله: من عبد الله أمير المؤمنين إلى عضد الدولة أبي شجاع مولى أمير المؤمنين. سلام عليك، مضمون الرسالة الاستمالة مع ما يشافهه به الرسول، فبعث إليه رسولًا وكتابًا فيه مودة واعتذار مجمل.
وأدير المارستان العضدي في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة، ثم مات هو في شوالها. وقام ولده صمصام الدولة، وكتم موته أربعة أشهر، وجاء الخليفة فعزى ولده، ولطم عليه في الأسواق أيامًا.
وفي سنة ٣٧٦: اختلف عسكر العراق، ومالوا إلى شرف الدولة شيرويه أخي صمصام الدولة، فذل الصمصام وبادر إلى خدمة أخيه، فاعتقله ثم أمر بكحله فمات شرف الدولة والمكحول في شهر من سنة ٣٧٩، وكان شرف الدولة فيه عدل، ووزر في أيامه أبو منصور محمد بن الحسن، ومما قدم معه عشرون ألف ألف درهم، وكان ذا رفق ودين. ومن عدل شرف الدولة رده على السيد أبي الحسن محمد بن عمر أملاكه. وكان مغلها في السنة أزيد من ألف ألف دينار.
وفي هذا الحدود جاء بالبصرة سموم حارة، فمات جماعة في الطرق. وجاء بفم الصلح ريح خرقت دجلة، حتى بانت أرضها -فيما قيل، وهدت في جامعها، واحتملت زورقًا فيه مواشي، فطرحته بأرض جوخى فرأوه بعد أيام، نسأل الله العافية.
ولما مات شرف الدولة، جاء الطائع يعزي أخاه بهاء الدولة أبا نصر. فقبل أبو نصر الأرض مرات، وسلطنه الطائع بالطوق والسوارين والخلع السبع، فأقر في وزارته أبا منصور المذكور، ويعرف بابن صالحان. وكان بهاء الدولة ذا هيبة ووقار وحزم، وحاربه ابن صمصام الدولة الذي كحل. وخربت البصرة والأهواز، وعظمت الفتن، وتواتر أخذ العملات ببغداد، وتحاربت الشيعة والسنة مدة، ثم وثبوا على الطائع لله في داره في تاسع عشر شعبان