الطالبيين لم يتوقف عن إطلاق القول بأنهم أدعياء، وأن هذا الناجم وسلفه كفار زنادقة، ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون، عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وكتب في المحضر الشريف الرضي، والشريف المرتضى، ومحمد بن محمد بن عمر، وابن الأزرق العلويون، والقاضي أبو محمد بن الأكفاني، والقاسم أبو القاسم الجزري، والشيخ أبو حامد الإسفراييني، وأبو محمد الكشفلي، وأبو الحسين القدوري، وأبو علي بن حمكان.
وورد على الخليفة كتاب محمود أنه غزا الكفار، وهم خلق معهم ست مائة فيل، وأنه نصر عليهم.
وفي سنة ثلاث وأربع مائة: استبيح وفد العراق، وقل من نجا، فيقال: هلك خمسة عشر ألفًا، وتسمى وقعة الفرعاء. فسار ابن مزيد، ولحقهم بالبرية، فقتل منهم مقتلة، وأسر أربعة عشر من كبارهم، فأهلكوا ببغداد.
وبعث ابن سبكتكين إلى القادر بأنه ورد إليه الداعي من الحاكم يدعوه إلى طاعته، فخرق كتابه، وبصق عليه.
ومات في حدودها أيلك خان صاحب ما وراء النهر الذي أخذ البلاد من آل سامان من بضع عشرة سنة، وكان ظالمًا مهيبًا، شديد الوطأة. وقد وقع بينه وبين طغان ملك الترك حروب، فورث أخوه طغان مملكته، ومالأه ابن سبكتكين، فتحركت جيوش الصين لحرب طغان في أزيد من مائة ألف خركاة، فالتقاهم طغان، ونصره الله.
ومات بهاء الدولة أحمد بن عضد الدولة، وتسلطن ابنه سلطان الدولة في ربيع الأول سنة أربع، وجلس القادر لذلك، وقبل الأرض فخر الملك الوزير، وقرأ ابن حاجب النعمان العهد، وعلم عليه القادر، وأحضرت الخلع والتاج والطوق والسواران واللواءان فعقدهما الخليفة بيده، وأعطى سيفا للخادم، فقال: قلده به فهو فخر له ولعقبه، وبعث بذلك إلى شيراز.
وفيها أبطل الحاكم المنجمين من ممالكه، وأعتق أكثر مماليكه، وجعل ولي عهده ابن عمه عبد الرحيم ين إلياس، وأمر بحبس النساء في البيوت، فاستمر ذلك خمسة أعوام، وصلحت سيرته، لا أصلحه الله.