وخلف ستة بنين، وسبع بنات. وآخرهم وفاة أحمد، عاش إلى سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة بمصر.
وفي أيام المهدي، عاثت القرامطة بالبحرين، وأخذوا الحجيج، وقتلوا وسبوا، واستباحوا حرم الله، وقلعوا الحجر الأسود. وكان عبيد الله يكاتبهم، ويحرضهم، قاتله الله.
وقد ذكرت في "تاريخ الإسلام" أن في سنة سبعين ومائتين ظهرت دعوة المهدي باليمن، وكان قد سير داعيين أبا القاسم بن حوشب الكوفي، وأبا الحسين، وزعم أنه ابن محمد بن إسماعيل بن الصادق جعفر بن محمد.
ونقل المؤيد الحموي في "تاريخه"، أن المهدي اسمه فيما وكان قيل: سعيد بن الحسين، وأن أباه الحسين قدم سلمية. فوصفت له امرأة يهودي حداد، قد مات عنها. فتزوجها الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله القداح هذا وكان لها ولد من اليهودي، فأحبه الحسين وأدبه.
ولما احتضر عهد إليه بأمور، وعرفه أسرار الباطنية، وأعطاه أموالًا، فبث له الدعاة. وقد اختلف المؤرخون، وكثر كلامهم في قصة عبيد الله القداح بن ميمون بن ديصان. فقالوا: إن ديصان هذا هو صاحب كتاب "الميزان" في الزندقة. وكان يتولى أهل البيت. وقال: ونشأ لميمون بن ديصان ابنه عبد الله، فكان يقدح العين، وتعلم من أبيه حيلا ومكرًا.
سار عبد الله في نواحي أصبهان، وإلى البصرة. ثم إلى سلمية يدعو إلى أهل البيت، ثم مات، فقام ابنه أحمد بعده، فصحبه رستم بن حوشب النجار الكوفي، فبعثه أحمد إلى اليمن يدعو له، فأجابوه، فسار إليه أبو عبد الله الشيعي من صنعاء، وكان بعدن، فصحبه، وصار من كبراء أصحابه، وكان لأبي عبد الله هذا دهاء وعلوم وذكاء، وبعث ابن حوشب دعاة إلى المغرب، فأجابته كتامة، فنفذ ابن حوشب إليهم أبا عبد الله ومعه ذهب كثير في سنة ثمانين ومائتين. فصار من أمره ما صار.
فهذا قول، ونرجع إلى قول آخر هو أشهر. فسير -أعني: والد المهدي- أبا عبد الله الشيعي، فأقام باليمن أعوامًا، ثم حج، فصادف طائفة من كتامة حجاجا، فنفق عليهم، وأخذوه إلى المغرب، فأضلهم، وكان يقول: إن لظواهر الآيات والأحاديث بواطن، هي كاللب، والظاهر كالقشر، وقال: لكل آية ظهر وبطن. فمن وقف على علم الباطن، فقد ارتقى عن رتبة التكاليف.